Page 100 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 100
العـدد 37 98
يناير ٢٠٢2
زرياف المقداد
(سورية -فرنسا)
الأولاد ينامون في البرد
على صدرها .قالت :أنا أ ُّم مح ّمد.. استوطن الفز ُع قلبي ،وأنا أرمق بيا َض الثلج ،وأشعر
صاح ال ّرج ُل :هل تسخرين مني؟ بقسوة كراته فوق النيام في العراء.
لملم ِت المرأ ُة شع َرها الأبيض الذي أطل برهب ٍة من تح ِت في سابق ٍة لم تشه ْد لها مدينتي .استنفر ْت أ ُّم أحمد وأ ُّم
وجلحكانفهل الصنب ُّيسونةذر! غطاء رأسها ،وقال ْت :هو كان عيسى، َأأيْنهام،ستولأ ُّمم َنحهموزيةا،تهوأمُّ.م عامر ،وأ ُّم ..وأ ُّم ..لدف ِن أولاد ُه َّن بع َد
استيق ِظ ال ُّرجل من سكرته ،وقد رأى و َشد ْد َن الرحال نحو أطرا ِف المدينة ،حي ُث ُتسورها مكات ُب
يتحلقن حوله ،وبيد كل واحدة منهن هوية.
اتص َّل بقائد ِه الذي ر َّد مستهز ًئا :كيف سيعرفن أولادهن؟ استلا ِم هويا ُت المفقودين ،وتقدمن على عجل .امرأة تلو
لم يبق لهم ملامح.. الأخرى..
نق َل الرج ُل تساؤل قائده إليهن قائ ًل :لقد مضى وقت أنا أ ُّم أحمد ،أ ُّم ..أ ُّم ..ور ُّبما أ ُّم عامر ..أنا أ ُّم أيهم ،ور ُّبما
طويل على موتهم .كيف ستعرفونهم؟ تامر ..أنا أ ُّم ..أنا أ ُّم..
تقدمت أ ُّم أحمد بخطى ثابت ًة لم تأبه النسوة بما سمعن. على جليّ ًة ِالبارح ِة ليلة سهرة آثا ُر صا ِح الموظ ُف ،وقد بد ْت
أفواههم .فهو َبع ُد لم يجف ،ولم قائل ًةِ :م ْن رائحة حليبنا في ثومجههض:حا َكصبمتسنخرويُق ٍةل َنقائك ًللاً :ماهذمافههوو ًماال.مطلوب ..نسيتم
يم ِض عليه ربيع!
ثم تابعت إحداهن بسكين ٍة متناهي ٍة :ولم يمض صي ٌف. الأسماءُ ..مذهل!
سيأتي الشتا ُء بعد السبع العجاف ،ولن نتركهم ينامون ثم تابع :لم تصدق نبوءتك يا سيدة فيروز! /أسماينا شو
في البرد .ثم ألق ْت وشا ًحا على التراب ،وجلس ْت متكئ ًة على تعبو أهالينا تالقوها /واسترسل الضحك في العراء.
تق ّدم ْت أ ُّم حمزة ،وقال ْتَ :أنا أ ُّم طارق كان قد أصيب
وجهها ،ثم تبِع ْتها بقية النسوة. ببندقية أحدكم ،وأعتقد أن دمه امتزج مع د ِم إخوته فو َق
قهقه الرجل ،ثم صاح قائ ًل :هل أفتحها مضافة هنا ..تبا
لك َّن اخرجن. الجسر!
لم تأبه النسوة ،بل مضين يحتمين بالجدار .إلى أن سق َط ُدهش ال ّرجل ،فالمرأة إما تتكلم ببلاد ٍة ،أو هي قنبلة
الليل جاث ًما فوق صدروهن ،وقب َل أ ْن تخت ِم العتم ُة بصمتها موقوتة ،فقال بحذر :ولكن يا امرأة بيدك هوية حمزة! هل
فوق كل الأشياء الواقفة .لمح ْت أ ُّم أصغر الصبية ي َد ابنها ُجنن ِت؟
على الجدار ،وقد رسم وجهها ،وقاربه الذي كان يحلم به، لم ُتجبه المرأة .بل فتحت الفضاء للمرأة التالية التي
وفوقه ساري ًة كتب عليها :أمي أنا ُدفنت حيًّا! عا ًما أأناريأ ُدُّمأ ْنح أُسعيطنيهكابنطاعقةمرالُهاأمرتبحعاةن،علقشدر تقدمت قائل ًة:
سقط ْت النسوة واحد ًة تلو الأخرى ،وتكومن فوق بعضهن حددوا حين اعتقلوه.
مثل سرب حمام مقطوع الرأس .إلى أ ْن أتت سيار ٌة تن ِّظف امتحان الشهادة الإعدادية له في المدرسة القريبة من
الأرصفة ،فحملت النسوة ،وألقتهن في مك ٍّب كبير .وعادت الجسرُ ،خذ أعط ِه معطف ُه لقد نسيه قبل أ ْن يخرج!
لتغسل الرصيف. ووسط ذهوله تقدم ْت امرأ ٌة تض ُع صليبًا خشبيًّا عري ًضا