Page 114 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 114

‫العـدد ‪37‬‬   ‫‪112‬‬

                                                        ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

   ‫مجهولة نتائج تحقيقاتها‪ ،‬وتختار الكاتبة شخ ًصا‬        ‫المائية بأيديهم بأمر من امرأة‪ ،‬ليست مثل نسائهم‪،‬‬
  ‫ممن عادوا على متن العبارة دون أن ندري هل حقق‬                            ‫بل امرأة أغرقتهم بكلمة منها»‪.‬‬

   ‫حلمه المشروع بتوفير مبلغ يؤمن مشرو ًعا يسمح‬          ‫ويكبر الأبناء في مذلة ناسين كل شيء‪ ،‬وبعد مئات‬
 ‫له بإنقاذ أولاده من جب التجهيل والاستعباد‪ ،‬يغرق‬           ‫الأعوام يأتي الفتح الإسلامي الذي لم تستعص‬
  ‫إبراهيم تار ًكا أيمن الذي أخرجه من المدرسة ليعمل‬        ‫عليه مقاومة الجوكاتيين‪ ،‬لكن خطبه ومواعظه لا‬
‫عند عمه تحت ضغط الفقر والاحتياج‪ ،‬وزوجته زينب‬
  ‫وجنينها وابنهما الأوسط يوسف‪ ،‬وفي رحلة قاسية‬            ‫تؤثر فيهم‪ ،‬نعم يحاصرهم الفاتحون ويقهرونهم‬
  ‫تصحبنا الكاتبة مع إبراهيم منذ تفكيره في الخروج‬         ‫بالماء‪ ..‬لكن هذه المرة بتعطيشهم‪ ..‬فهل كان وجود‬
 ‫للعمرة‪ ،‬واتفاقه مع كفيل على الهرب للعمل في موسم‬
‫الحج‪ ،‬ثم تنقطع أخباره‪ ،‬ولا يأبه أح ٌد لإنقاذه إلا ابنه‬     ‫الماء وعدمه عقا ًبا لهذه المنطقة وأهلها‪« :‬جوكات!‬
                                                             ‫لعنة الماء تحاصرك‪ ،‬أبيت الاستسلام للعرب‪،‬‬
    ‫يوسف الذي يذهب في رحلة مستحيلة إلى العبارة‬
  ‫الغارقة مفج ًرا بابها‪ ،‬وتنتهي رحلة يوسف إبراهيم‬        ‫فأحكموا حصارهم عليك‪ .‬هزمك العرب بالعطش‪،‬‬
                                                        ‫والماء محيط بك‪ .‬شهور وجيش عمرو بن العاص لا‬
    ‫كما انتهت رحلة سعيد مهران بطلقات في الصدر‬
                                    ‫داخل المقابر‪.‬‬        ‫يقوى عليك‪ .‬نفد الماء‪ ،‬وضعفت المقاومة المتمركزة‬
                                                                            ‫خلف الأسوار وعلى التلال»‪.‬‬
     ‫تاريخ من الخنوع والقهر المتزايد الذي لا يكتفي‬
 ‫بسلب الآدمية‪ ،‬لكنه يغوص حتى سلب الروح ذاتها‪،‬‬                          ‫***‬

         ‫مخل ًفا أهل المكان مطمورين بجوار كنوزهم‪.‬‬          ‫في الحركة الثانية التي تحمل عنوان «لعنة الماء»‬
     ‫تسأل الرواية دون صوت‪ :‬لماذا حكم على هؤلاء‬               ‫نحن أمام كارثة غرق العبارة المصرية «سالم‬
  ‫بالمذلة التي لا تنتهي إلا بالموت؟ لماذا هم محكومون‬
‫بالخوف من الحاكم البعيد؟ ولماذا يطمئن هذا الباطش‬         ‫إكسبريس» التي توقفت لأسباب مجهولة عمليات‬
                                                               ‫البحث عن بقية ركابها‪ ،‬كما اختفت لأسباب‬
                        ‫إلى أنهم سينصاعون إليه؟‬
  ‫تحاول الكاتبة أن تجعل روايتها إطا ًرا للعالم مدخلة‬
   ‫عد ًدا من التقنيات مثل الفلاش باك‪ ،‬والمونتاج‪،‬‬

      ‫وبدا أنها تستخدم ما يمكن أن نسميه‬
      ‫التصوير عن بعد في الباب الأول؛‬
‫خصو ًصا عند الوصول إلى جوكات‪،‬‬
    ‫ولا تقترب إلا لأخذ عينات‬
 ‫دالة ومؤكدة لأفكارها‪ ،‬فيما‬
  ‫استخدمت تقريب الكاميرا‬

         ‫طيلة الباب الثاني‪.‬‬
  ‫اجتهدت إنتصار عبد المنعم‬
‫في تقديم تفسيرات للحكايات‬

    ‫الشعبية‪ ،‬ومنها حكايات‬
‫الجنية التي تنتشر في الأماكن‬

    ‫القريبة من المياه‪ ،‬ولها أصل‬
 ‫تحدث عنه هوميروس في الأوديسا‪،‬‬
 ‫وحاولت ربط الأحداث الكبرى بجوكات‬
 ‫لتبرهن على فكرة ربما هي أن جوكات‪..‬‬

        ‫قرية في وطن‪ ،‬ووطن في قرية‬
   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119