Page 109 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 109

‫نون النسوة ‪1 0 7‬‬                                    ‫قو ًّيا بينها وبين المتلقي القارئ لقدرتها على التأثير‬
                                                      ‫والاستقطاب‪ .‬وهو ما حاولت إنتصار عبد المنعم‬
           ‫في رواية جوكات‬                            ‫تنفيذه في روايتها «جوكات»‪ ،‬حيث جعلت علاقة‬
                                                        ‫الترابط والتلاحم الواقعة بين التخييل والواقع‬
‫نسق الاضطهاد‪ :‬نيران الخوف العالق في النفوس‪-‬‬
   ‫انكفأت على صمتها‪ -‬يهزأ البحر بالجميع‪ -‬دماء‬      ‫والذات الكاتبة داخل الرواية مثار النقاد والدارسين‪.‬‬
         ‫الإسكندرية‪ -‬سيوف الظلام في يد الجنود‬          ‫فالنص الروائي النسائي يقوم بناؤه الفني على‬
     ‫يذبحون باسم الرب‪ -‬يضربون الخدود ومعها‬
    ‫الرقاب‪ -‬المصلوب يئن‪ -‬الحرائق المتتالية تلتهم‬   ‫توظيف فضاءات وأمكنة لها عوالمها الخاصة بها‪ ،‬إذ‬
                                                     ‫تحاول الكاتبة استلهام الأماكن المرجعية التي لها‬
 ‫مكتبة الإسكندرية‪ -‬يتطاير الرماد من كتب الحكمة‬       ‫دلالاتها وتأثيرها على المتلقي‪ ،‬وتعم ُل على أنسنتها‬
  ‫والفلسفة والكيمياء‪ -‬ينسكب مع الدماء المهراقة‪-‬‬
                                                   ‫داخل المتن الروائي بشكل يثير اهتمام المتلقي ويولد‬
     ‫يقدمون القرابين‪ -‬يقتحمون المعابد يقتلون من‬       ‫معنى لديه‪ ،‬انطلا ًقا من إدراكه الحسي‪« :‬فأهمية‬
  ‫فيها‪ -‬يطردون اليهود‪ -‬يطاردون تلاميذ هيباتنا‪.‬‬        ‫المكان التخييلي لا تقتصر على وظيفته البنائية في‬
                                                      ‫تشكيل النص الروائي‪ ،‬أو الدلالية في الدلالة على‬
      ‫نسق التعذيب‪ :‬لحم هيباتنا شهي على مذبح‬            ‫المادة الحكائية التي يحتويها‪ ،‬ولا على قدرته في‬
    ‫الرب‪ -‬يصبح اليوم قيدها‪ -‬يجذب جيش الرب‬
     ‫عذراء العقل والجسد من شعرها في الطرقات‪-‬‬       ‫تحديد نوع الرواية التي تموضع فوق فضاء ورقها‬
      ‫يتكشف بعض جسدها‪ -‬ينزعون ما تبقى من‬            ‫الأبيض‪ ،‬بل تشمل قدرته على إنجاز الوظائف التي‬
    ‫ملابسها‪ -‬يقيدون يديها اللتين تخطان العلم في‬
    ‫الكتب‪ -‬يجرها الجنود في شوارع الإسكندرية‪-‬‬          ‫ُيسندها الروائي له»(‪ ،)11‬فهي تقنية فنية تعتمدها‬
 ‫ينسلخ الجلد الناعم‪ -‬يشق صراخ هيباتنا السماء‪-‬‬       ‫الكاتبة من أجل بناء النص الروائي لإعطائه الطابع‬
                                                   ‫الإبداعي التخييلي وإبعاده عن الذات المؤلفة والواقع‬
                ‫يقشرون جسدها بأصداف البحر‪.‬‬
     ‫نسق الترهيب والخويف‪ :‬تضغط الأكف على‬                                                      ‫م ًعا‪.‬‬
 ‫الآذان هاربة من مصير مشابه‪ -‬تفر أسراب اليمام‬            ‫فالأنسنة داخل النص الروائي ُتعد تقنية فنية‬
      ‫والحمام من الإسكندرية‪ -‬صوت إيهود أيقظ‬           ‫تحمل الملامح الإنسانية على الجمادات من أمكنة‬
 ‫سكان الدار الحمراء‪ -‬الجميع يقتلون باسم الرب‪-‬‬           ‫وحيوانات وعوالم تخييلية خرافية وغيرها من‬
     ‫يحطمون معابد المصريين والرومان‪ -‬يرغمهم‬        ‫المخلوقات‪ ،‬وذلك من أجل تمييز النصوص الروائية‬
‫سيف العرب على العودة لتذوق حلاوة الدين الجديد‬         ‫باللمحة الجمالية من جهة‪ ،‬ومن أجل إبعادها عن‬
                                                       ‫الواقعية التقريرية المباشرة وعن علاقتها بذاتية‬
                                          ‫قس ًرا‪.‬‬  ‫المؤلف من جهة ثانية‪ ،‬وهذا إلى جانب تميزها بمهمة‬
 ‫نسق ذاكرة الوجع والخوف‪ :‬ذاكرة الخوف جلية‬
  ‫من جديد‪ -‬تسري في العروق تتقافز إلى الذاكرة‪-‬‬                              ‫التأثير في المتلقي القارئ‪.‬‬
‫تستعيد ميراث الخوف‪ -‬ظل الأفراد يتوارثون حالة‬        ‫كما وجدنا أن أنسنة المكان الروائي عن طريق فعل‬

    ‫الريبة والخوف‪ -‬يبالغون في تحصين بيوتهم‪-‬‬            ‫الاستعارة بصفات الذات الإنسانية من حركات‬
    ‫التخلي عند السير في الطرقات‪ -‬حالة التوجس‪-‬‬      ‫ومشاعر وأحاسيس وانفعالات‪ ،‬يكسبه المعاني ذاتها‬
    ‫ميراث الخوف الذي توارثوه أ ًبا عن جد‪ -‬ريثما‬
‫يأتي يوم تعود فيه ذاكرة الأحفاد لتفتش عن أصلها‬        ‫والدلالات الموجودة بالذات الإنسانية‪ ،‬إضافة إلى‬
 ‫المطمور منذ تاريخ الغرق‪ -‬أجبرتهم سيوف جنود‬          ‫تميزه بالسمات الإيجابية والسلبية م ًعا‪ ،‬إذ وجدنا‬
    ‫الجعدي على العودة مجبرين إلى أسوار خوفهم‪.‬‬         ‫البحر عند الكاتبة يوصف بالمكان الرحب المؤنس‬
   ‫نسق الارتداد‪ :‬انتقلوا من مرحلة الإيمان بالرب‬       ‫المنفتح يتميز بالتفاؤل والمرح‪ ،‬ووجدنا الصحراء‬
    ‫موسى وهارون خو ًفا من الغرق‪ -‬الإيمان برب‬         ‫والسجن يوصفان بالمكان المغلق الغاضب والثائر‪،‬‬
‫عمود الدين خو ًفا من الحرق‪ -‬فما هو إلا رب يحل‬
 ‫محله آخر‪ -‬وتماثيل ستحل محلها أخرى‪ -‬صنعوا‬                ‫والحزين على من فقد وافتقد‪ ،‬وهمش ورحل‪.‬‬

                                                   ‫‪ -4‬استحضار الذاكرة والحلم والواقع‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114