Page 154 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 154
العـدد 37 152
يناير ٢٠٢2 مثبتة في الحائط ،وقفت
متحي ًرا للحظات .لم أستطع
القارئ بالتالي عن وصف يعلن في بداية الرواية «النساء أن أغض بصري عن رؤية
جبل أُ ُحد بأنه «جبل في لونه شيء لم أفكر فيه من قبل، حزم النقود الورقية الزرقاء
لكن لا بد أني ما جئت إلا الزاهية داخل الخزانة .عابد
حزن وخشوع» (ص)172 من أجل ذلك» (ص.)39
إلى بضائع السوق في أنحاء وغالبًا ما يربط الشخصيات لم ُيدخل إليها شيئًا ولم
المكان« :والواقفون قليلون النسائية العديدة التي ُيخرج منها شيئًا ،فتحها
فقط وأغلقها بعد لحظات.
لا يزيدون على باعة التمر يلقاها ،مثل عايدة وواضحة،
الجاف ،والحنَّاء ،والعطر بـ»الملائكية» و»النقاء» ،بما (ص)23
في الزجاجات الصغيرة، يرفعهم إلى مستوى عالي علامة الوفرة تلك ،التي تدل
والسواك ،ونحن» (ص.)172 في الوجود يختلف ع َّما في عليها الخزانة ،وسيارات عبد
وبعد عدة دقائق ،يثير تفكير تبوك .المفارقة ،أن مظه ًرا الله الفارهة ،ومسكن لاري
إسماعيل في معركة أُ ُحد ساب ًقا من مظاهر استحالة
التاريخية القضية نفسها، تحقق طموحاته يكمن في الفخم ،والبضائع الفاخرة
حيث يتخيل رماة المسلمين رؤياه الرمزية بأن هنا «لا التي يتم استيرادها من
يتخلون عن «مواقعهم فوق أرى وجوههن (النساء) إلا
الجبل ،وينزلون حتى لا كشعاع يختفي وأنت تغلق أنحاء العالم ،تعكس «وجو ًدا
تفوتهم الغنائم» (ص.)173 ضعي ًفا لا معنى له» (،)85
يعكس هذا المشهد المتخيَّل نافذة» (ص .)30وهكذا ،فإن باستعارة تحليل ماتيسن
الفلسفة السياسية لثقافة اكتشافه المتأخر بأن مشاعره للبذخ في بداية قصيدة «لعبة
انتهت وأخرى حاضرة، شطرنج» .المفارقة هنا ،أن
قديمة وحديثة ،شعارها تجاه واضحة كانت تعبي ًرا قارئ قصيدة إليوت ينتابه
الرئيسي هو «طاعة القائد» عن «الظمأ» ،وأن واقعة «إحساس كبير بالفخامة»
(ص ،)173وهي مسألة ()85: 1976 Matthiessen
يطرحها المؤلف فيما يتساءل سعيه المخلص نحو عايدة الذي سرعان ما يتم إقصاؤه
عن الدروس التي ُتعطى ينتهي بالانفصال ،كان هناك بواسطة كلمة «مصطنع».
للتلاميذ حول تلك المعركة، بالطريقة نفسها ،فإن وفرة
والأسباب التي نتج عنها تلك ما ينبئ به منذ البداية. الأموال والبضائع الظاهرة،
بينما تركز قصيدة إليوت على خلال أحداث الرواية ،تسلط
الهزيمة. الروحي كقوة علاجية ،وعلى الضوء على الجرائم المتكررة.
في حالة إسماعيل ،فإن عندما يسرق فيليب راديو
الإيمان الديني يحمل مسحة «الظمأ» كتعبير عن «الظمأ
تراجيدية من اليأس .يصف إلى ماء الإيمان والشفاء، «ب َس َبع موجات» ،مبر ًرا
مشاعره أثناء سماعه الأذان: السرقة بفخامة الجهاز ،الذي
في الردهة ،وتحت السماء وبنحو خاص الديني الذي
العالية ،يأخذني صوت يتواشج في نظم القصيدة» يساوي «ألف وخمسمائة
المؤذن لصلاة المغرب ثم ( .)94 :1962 Leavisتقدم ريال» (ص ،)92ويخطط
صلاة العشاء ،إلى آفاق عالية الرواية صورة غائمة لتلك
الشجن .صوت المؤذن كأنه القوة .رغم أن القارئ يسمع لاري لاختلاس آلاف
نداء طائر ذبيح من فوق جبل الدولارات من أموال الشركة.
دعاء إسماعيل في المدينة
شاهق( .ص)38 «من ينقذني من حالة الخلاء إن ملاحقة إسماعيل للنساء
إن رنة الحزن في صوت هي نوع من الإيمان بقوة
الروحي الذي تلبَّسني منذ الحب كوسيلة للهرب من
زمن طويل؟» (ص،)171 ذلك الوجود المادي .فهو
وسرعان ما يتضاءل الجانب
الروحي أمام المظهر التجاري
للمكان .ينصرف انتباه