Page 149 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 149
حول العالم 1 4 7
الخالية والخانقة ،حيث المصابة بالهيستريا ،التي وجيه على انتشار الظلم،
يعيش كلب وحيد لا يلحظه قابلها في المستشفى) ،أو «هنا شرطة أي ًضا للجرائم
ُيدفعن إلى حالة بالغة من
أحد بين الكثبان الرملية. اليأس ،مثل واضحة ،حيث الصغيرة ،أما الجرائم
إن انتباه إسماعيل ،الذي أدى بها تحديها للقواعد الكبرى فغالبًا يحتويها
اتجه على الفور إلى الكلب، المجتمعية إلى نهاية مأساوية. الظلام» (ص )178ولكنه
بمثابة تذكير بعزلته وهوان من ناحية أخرى ،نجد عايدة يبدو أي ًضا كمشهد يقصد
قدره في بيئته الجديدة. «الملائكية» ،مثل إسماعيل، به المؤلف إن يهز ثقافة
تحرم نفسها من الحياة تع َمى عن رؤية الجريمة
وربما كان الكلب دلالة بالبقاء بين جدران المشافي التي ُترتكب في حق النساء.
على ما سيؤول إليه مصير في «بلدة بعيدة» (ص)19 يتحول خيال إسماعيل ،بعد
إسماعيل بالطريقة نفسها بحسب كلمات إسماعيل. انتهاء مشهد التجريس ،عن
تستحضر الصور المتكررة اللحظة القاسية للواقع إلى
التي توحي بها «كروت لل َسجن ،الواسع والضيق، عالم ألف ليلة ،وهكذا يضفي
التاروت» ،في القصيدة، العام والخاص ،شعور عميق عليه مسحة من الخيال
«بالمصير ،والألغاز الأبدية» بال َسجن داخل الذات ،داخل «الكوميدي» .من ناحية
(.)92: 1962 Leavise المحيط المكاني وداخل الكون. أخرى ،فإن هذا التصوير
وقبيل مغادرته النهائية ،يرى تفرض النطاقات الخاصة الفانتازي يقوم بدور كمرجع
إسماعيل الكلب «لا يتوقف والعامة في الرواية ،مثلما هو رمزي لأفعال «التجني»
عن الجري بسرعة مذهلة» الأمر في قصيدة إليوت ،تيمة على النساء بذكر شخصية
(ص )381وقرد يعلو ظهره: الوحشة والغربة الذاتيين. شهريار في ألف ليلة وليلة،
إشارة رمزية إلى الأعباء إن توق إسماعيل إلى سماع والمعروف بعدائه الشهير
التي سيحملها إسماعيل في خربشات «فأر واحد يخطئ تجاه النساء .وتمثل مجمل
ويدخل البيت» (ص )378في الصورة المتخيلة نق ًدا مباش ًرا
المستقبل. صمت البيت الخالي ،إنما هو
ومثلما تم تصوير صحراء تكرار للصورة الكالحة لعمال للواقع القبيح:
تبوك الشاسعة باعتبارها يسكنون في َوح َدة البيوت والناس عادت تتحرك في
«سجنًا كبي ًرا» (ص ،)42فإن «الباردة» ،سعيًا إلى الراحة الشارع والعربات ،وراقصات
البيت الذي يسكن إسماعيل في صحبة ضيوف غير ألف ليلة وليلة قفزن يوزعن
الكؤوس ،وموكب شهريار
فيه «مجرد مكعبات من مرغوب فيهم. راح يتقدم حوله الفتيان
الإسمنت .حجرات ضيقة بالمثل ،نرى الصورة القذرة والغلمان ،وخلفه الأعلام
تطل نوافذها على الردهة ،لا والصنوج ..وحاصرتني
على الشارع ،والنوافذ أي ًضا لنهر التيمز في القرن البضائع وأصوات المسجلات
ضيقة كأنها ُك َوى سجن» العشرين ،فنرى «النهر المختلطة الناشزة ،وعدت أشم
(ص .)16وبنحو مماثل، يرشح ..زيتًا وقا ًرا» (سطر رائحة الشواء ،ولم أعد أرى
)267 -266وصورة في الشارع نساء( .ص)32
غرفة الفندق في المدينة، المدينة «تحت الضباب
تشيع تأثي ًرا خان ًقا بمساحتها الأسمر من ظهيرة شتائية» على مدار الروايةُ ،ترى
التي لا تزيد عن ثلاثة أمتار (سطر )208توازي تأثير النساء كضحايا ،سواء لما
الاتساع الهائل للصحراء يصيبهن بالجنون ،كما في
في ثلاثة أمتار ،حيث شعر حالتي آمال ووردة (الممرضة
إسماعيل «كأنما كان الحر
محبو ًسا في الغرفة ،وانطلق
يحاصرنا مشب ًعا بالرطوبة.
لا نافذة للحجرة على