Page 148 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 148

‫بالحضور المهيب لواضحة‬         ‫يكشفه لي لو أراد‪ .‬يقيني أنها‬           ‫‪146‬‬
        ‫رغم ضآلة جسدها‪،‬‬          ‫ماتت واقفة‪ ،‬وأملي المؤلم‪ ،‬أن‬
       ‫يمنح شخصيتها بع ًدا‬        ‫أراها تتحرك‪ ،‬آه لو تتحرك‪.‬‬      ‫(وفي السعودية عمو ًما)‪ ،‬تن َّفذ‬
                                                                 ‫أمام مسجد المدينة الرئيسي‪.‬‬
     ‫أكبر‪« :‬صغيرة واضحة‬                             ‫(ص‪)31‬‬         ‫«هذا جامع البلدة الرئيسي»‬
     ‫كالعصفور‪ ،‬وتحتل من‬               ‫في أغلب الأحيان‪ ،‬يربط‬
                                    ‫إسماعيل‪ ،‬في الرواية‪ ،‬بين‬          ‫يبين سعيد أم ًرا حقيقيًّا‪.‬‬
        ‫الفضاء مكا ًنا كبي ًرا»‬       ‫واضحة و»براءة» اللبن‬         ‫هذا جامع البلدة الرئيسي‪،‬‬
‫(ص‪ .)150‬في مستوى رمزي‬
                                        ‫الحليب‪ ،‬ووهج ضوء‬               ‫أمامه ُتقام كل الحدود‬
   ‫س ُتعد واضحة تعبي ًرا عن‬            ‫الشمس‪ ،‬فيضعها ذلك‬          ‫تقريبًا‪ ،‬فيما عدا قص الرقبة‬
 ‫ثقافة السعودية‪ ،‬التي برغم‬             ‫كنقيض للنفاق السائد‬
‫قربها من إسماعيل جغرافيًّا‪،‬‬             ‫والفساد‪ .‬إن انفتاحها‬        ‫يتم في مكة‪ ..‬في الغالب لا‬
  ‫إلا أنها تظل مشحونة بلغز‬       ‫وشجاعتها في تحدي التقاليد‬         ‫يوجد رجم‪ ..‬ال َجلد لا يزيد‬
 ‫المكان الجديد للوافد الجديد‪.‬‬        ‫يجعل اسمها‪ ،‬المشتق من‬         ‫على ضرب بالخيزرانة‪ ..‬لو‬
  ‫في لقائهما الأول في منزلها‪،‬‬    ‫«الوضوح»‪ ،‬يعكس طبيعتها‪.‬‬             ‫جئت في رمضان الماضي‬
   ‫حيث كان الدرس‪ ،‬تكشف‬               ‫إن ابتهاج إسماعيل بأنها‬      ‫ربما رأيت الجلد صباح أول‬
 ‫أفكار إسماعيل عن رغبته في‬             ‫«حية هي إذن لم تمت»‬
  ‫رؤيتها دون حجابها‪ ،‬لأجل‬             ‫(ص‪ )32‬عند ملاحظته‬                  ‫أيام العيد‪( .‬ص‪)76‬‬
                                     ‫لاختلاج جسدها في قلب‬           ‫يشهد إسماعيل في السوق‬
    ‫الوصول إلى فهم متبادل‬          ‫مشهد «الإذلال» هذا‪ ،‬يقابل‬     ‫تجريس واضحة‪ ،‬في صندوق‬
     ‫وضروري للتفاعل بين‬                ‫صرخة عابد «فاجرة»‪،‬‬
                                   ‫التي تتردد كصدى لصوت‬              ‫المكشوف لعربة بوليس‪،‬‬
          ‫المدرس والتلميذة‪:‬‬        ‫ثقافة المجتمع‪ .‬هذا الانتهاك‬    ‫بسبب تجرؤها على عصيان‬
     ‫ما كنَّا نحتاج إلى تقديم‪،‬‬          ‫الحاصل لواضحة هو‬
  ‫هكذا فكرت‪ .‬أخال أني كما‬         ‫الأول من اثنين سيجعلانها‬          ‫التقاليد؛ بمواعدتها لشاب‬
    ‫رأيتها في الضوء الأبيض‬                                       ‫يمني‪ .‬شفقة إسماعيل تأخذه‬
    ‫الرائق رأتني رغم أني لم‬            ‫كشخصية فيلوميلا(‪)9‬‬        ‫إلى الفتاة الواقفة في صندوق‬
    ‫أر وجهها‪ ،‬ولا كان يمكن‬            ‫التي «أُجبرت بقسوة»‪-‬‬
  ‫أن ُيرى بوضوح من خلف‬              ‫أُهينت مرتان وصمتت في‬             ‫العربة «ه َّشة وضئيلة»‬
 ‫نقاب ثقيل‪ ..‬لحظة أحسست‬             ‫المرتين‪ .‬في بعض الأحيان‬             ‫(ص‪ )31‬بينما صوت‬
‫فيها بضرورة أن أرى عينيها‬             ‫يشبِّه إسماعيل واضحة‬
‫تستقبلان كلامي‪ ،‬ما دمت لا‬         ‫بالطائر‪ ،‬وهو ارتباط إضافي‬          ‫«الشرطي القرد الضخم»‬
  ‫أرى وجهها جي ًدا فلا يمكن‬          ‫بفيلوميلا كما أنه يرتبط‬           ‫(ص‪ )32‬يعلن‪ ،‬فينزل‬
   ‫أن ترى وجهي‪( .‬ص‪)115‬‬           ‫رمز ًّيا بطبيعتها المتحررة‪ .‬إن‬
‫إن أسلوب المشهد السينمائي‬          ‫ما للعندليب‪ ،‬في الصحراء‪،‬‬         ‫الصوت على أذن إسماعيل‬
   ‫الثابت للحياة المحمومة في‬          ‫من «صوت لا ُيغتصب»‬              ‫«كأنه كتل من الحجارة‬
  ‫الشارع‪ ،‬فحدث أن «توقف‬          ‫يتحول إلى انتقام دموي‪ :‬فعل‬
  ‫كل شيء عن الحركة الآن»‬          ‫إخصاء انتقا ًما «للاغتصاب»‬     ‫تسقط فوق رأسي» (ص‪.)31‬‬
                                 ‫المتمثل في الإجبار على الزواج‬   ‫ويصف مشاعره بينما يشهد‬
       ‫(ص‪ ،)30‬أثناء مشهد‬                                          ‫الفتاة المتضائلة بفعل الحدث‬
     ‫التجريس‪ ،‬يجعلها لحظة‬              ‫من رجل في السبعين‪.‬‬
                                   ‫إن شعور إسماعيل الثابت‬                     ‫وما يحيط بها‪.‬‬
      ‫قوية التأثير‪ ،‬تسترعي‬                                          ‫تصلبت عيناي على الجسد‬
      ‫الانتباه التام‪ .‬لا يسلط‬
   ‫الضوء فحسب على تعليق‬                                              ‫الصغير ضائع القسمات‬
                                                                        ‫تحت العباءة السوداء‬

                                                                      ‫الواسعة‪ ،‬أريد‪ ،‬يا ربي‪،‬‬
                                                                     ‫ساعدني أن أرى وجهها‪.‬‬
                                                                 ‫صار ذلك حاجتي التي تتمدد‬
                                                                   ‫بالحزن في صدري‪ .‬ال َح َب َرة‬
                                                                  ‫فوق الوجه ثقيلة‪ ،‬لكن ضوء‬
                                                                    ‫الشمس باهر يستطيع أن‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153