Page 146 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 146

‫العـدد ‪37‬‬                             ‫‪144‬‬

                                  ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬                        ‫ال َحرفي والمجازي)‪ ،‬يشبه‬
                                                                  ‫إسماعيل؛ معلق بين عالمين‪.‬‬
      ‫لكن لاح ًقا‪ ،‬يق ُّر‪« :‬قتلت‬    ‫بها من أجل ما يدعوه الآن‬
  ‫آمال» (ص‪ )362‬بهجرها‪.‬‬               ‫«أكذوبة»؟ أيمكن أن تكون‬        ‫وشاه ًدا على الظلم الواقع‬
                                  ‫«قناعته» السابقة هي ما أبقته‬     ‫على البلتاجي وعلى آخرين‬
    ‫هنا يعكس وخز الضمير‬               ‫راضيًا وغاف ًل عن حقيقة‬     ‫غيره‪ ،‬يستطيع إسماعيل أن‬
  ‫الحاجة إلى خلاص الروح‪،‬‬            ‫أن حياته قد تبددت بتخليه‬     ‫يفهم تما ًما الظلم الواقع عليه‬
   ‫ويذكرنا برسالة الرعد في‬           ‫عن ك ٍّل من موهبته الأدبية‬      ‫من أبيه‪« .‬علقتني رسالة‬
  ‫«ماذا قال الرعد» في الجزء‬         ‫وخطط الزواج؟ إن إنخراط‬           ‫أبي في الدنيا بين السماء‬
   ‫الأخير من الأرض اليباب‪.‬‬         ‫إسماعيل العاطفي في الحزن‬        ‫والأرض» ويتأمل «وابتلع‬
  ‫برغم أن إسماعيل قد أثبت‬             ‫المنبعث من الصوت الذي‬       ‫الفضاء كل الكتب والأوراق‬
‫لنفسه أنه لا يخلو من شفقة‪،‬‬           ‫سمعه يغني أبيات العروة‬       ‫والأقلام» (ص‪ )181‬المصير‬
   ‫فإنه يخفق في أن «يعطي»‬          ‫بن حزام عن آلام الحب من‬         ‫نفسه ينتظر خطيبته آمال‪،‬‬
 ‫وأن «يتحكم»‪ -‬وهما أمران‬             ‫طرف واحد‪ ،‬والذي يربط‬          ‫التي فقدت عقلها‪ ،‬ومن ثم‬
                                      ‫«الفقد» بالتكهنات الثلاثة‬    ‫فقدت حياتها‪ ،‬بعدما انتهت‬
     ‫ضروريان للوصول إلى‬              ‫م ًعا‪« .‬أسرعت بالعودة إلى‬   ‫علاقتهما‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬تم‬
   ‫«الشانتيه ‪ )8(»Shantih‬أو‬           ‫البيت» يقول بعدما سمع‬      ‫تصوير آمال كإعادة تجسيد‬
   ‫السلام العقلي‪ .‬هكذا يتابع‬        ‫الغناء‪« ،‬وأنا أشعر أن شيئًا‬      ‫لأوفيليا هاملت‪ ،‬المرتبطة‬
                                     ‫لا أدركه كان معي وسقط‬
     ‫القارئ إخفاق إسماعيل‬         ‫مني» (ص‪ .)125‬بالتالي‪ ،‬فإن‬          ‫بالازدهار والحب‪ ،‬ولكن‬
    ‫في القيام بتعهداته لنفسه‬      ‫النصيحة التي أعطاها الع َّراف‬  ‫ُقدر لها أن تقع في حب رجل‬
                                     ‫للمتحدث في قصيدة عروة‬
      ‫بأن يبقى «مرآة لامعة‬          ‫بن حزام‪« :‬فقالا شفاك الله‬       ‫«لن يكون لها» (هاملت ‪.1‬‬
   ‫تنزلق فوقها حبات المطر»‬        ‫والله ما لنا‪ ..‬بما ضمنت منك‬      ‫‪ .)1.17 .3‬المفارقة أن آمال‬
                                     ‫الضلوع يدا ِن» (ص‪)124‬‬          ‫تصبح رمز تحطم الأمل‪،‬‬
     ‫(ص‪ )359‬فيما يواصل‬            ‫ربما كانت إجابة على سؤاله‪.‬‬     ‫بينما اسمها يمثل جمع لكلمة‬
   ‫شفقته وارتباطه العاطفي‬           ‫يكشف تيار وعي إسماعيل‬
    ‫وتفاعله مع الآخرين من‬                                                            ‫«أمل»‪.‬‬
   ‫أصحاب الحظ السيء‪ .‬إن‬               ‫إحسا ًسا بالذنب‪ ،‬خاصة‬        ‫على عكس البلتاجي‪ ،‬اعتقد‬
‫ارتباطه العاطفي بآمال بمثل‬          ‫تجاه الشخصيات النسائية‬          ‫إسماعيل خطأً أنه قد نجا‬
    ‫طزاجة ارتباطه بتلميذته‬                                         ‫من فقدان الأمل بسبب أنه‬
    ‫واضحة‪ ،‬وعايدة‪ ،‬وسيد‬                 ‫في حياته‪ ،‬وتبين نهاية‬     ‫«مهيأ للنسيان»‪« .‬لولا نعمة‬
   ‫الغريب‪ ،‬وآخرين غيرهم‪.‬‬             ‫الرواية أن غربته «سجنه»‬
                                   ‫يتسع‪ .‬ويعكس استحضاره‬               ‫النسيان» يفكر «لصرت‬
      ‫نسمع نداء عجزه «من‬            ‫لمصير آمال إحسا ًسا خفيًّا‬      ‫مثله (البلتاجي) فلكل منَّا‬
 ‫يطلقني من موتي الآن؟ من‬                                         ‫سجن ضيَّع فيه شيئًا عزي ًزا‪،‬‬
                                       ‫بالذنب وإن كان ينكره‪:‬‬       ‫حتى ولو لم يطل سجني»‬
   ‫يحرق أسراري؟ واضحة‬                  ‫فلم أخطئ يوم ص َّرحت‬        ‫(ص‪ .)181‬هل َفق ُد الشيء‬
     ‫أم عايدة أم تراني قات ًل‬       ‫لآمال أني لا أفهم الحب إلا‬
‫الجميع؟ كم أود ح ًّقا أن أنام»‬        ‫للزواج‪ .‬من كان يدريني‬            ‫«النفيس» الذي يذكره‬
                                       ‫ببساطة العقل وشفافية‬       ‫إسماعيل كثي ًرا‪ ،‬وتوقف عن‬
                ‫(ص‪.)236‬‬           ‫الروح؟ لا خطأ لي ولا خطيئة‬     ‫تحديده‪ ،‬وهو «قلوب كثيرة»‬
    ‫حالة التعلق بين حياتين‪،‬‬            ‫رغم موت آمال وضياع‬        ‫(ص‪ )39‬فقدها‪ ،‬هو ما يندم‬
‫الفكرة التي تتكرر في الرواية‬
     ‫وقصيدة إليوت على حد‬                   ‫الجميع‪( .‬ص‪)265‬‬           ‫عليه الآن؟ أم َفق ُد الذات‪-‬‬
     ‫سواء‪ ،‬تبرز بوضوح في‬                                             ‫الحياة التي تم التضحية‬
     ‫تضاعيف الأحداث‪ .‬كلا‬
  ‫العملين يكشفان عن الهوة‬

      ‫التي تفصل بين صفاء‬
   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151