Page 155 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 155

‫حول العالم ‪1 5 3‬‬

 ‫الراهن‪ ،‬بواسطة رحلة بطل‬           ‫القراءة‪ ،‬قوة حياتية أخرى‬      ‫المؤذن‪ ،‬والتي تشبه صوت‬
 ‫الرواية وبحثه‪ .‬إن « ُنضج»‬       ‫تجاهلها منذ اضطلع بالمهمة‬        ‫طائر ذبيح على قمة جبل‪،‬‬
  ‫إسماعيل في بيئته الجديدة‬       ‫«الانتحارية» لإنقاذ الأسرة‪.‬‬    ‫والتوقيع العميق في «النبرة‬
‫لم يوفر له لا التغير الموعود‬                                    ‫شديدة الأسى» للمذيع وهو‬
  ‫في موقفه‪ ،‬ولا اشتمل على‬          ‫يصف عالم الحروف بأنه‬        ‫يتلو الأحاديث النبوية‪ ،‬تمس‬
                                   ‫«عالم مسحور» (ص‪)169‬‬           ‫أوتار روحه‪ .‬مع ذلك‪ ،‬فإن‬
   ‫فرص المستقبل الأفضل‪.‬‬         ‫وأن شعوره بعد قراءة رواية‬        ‫وصف الأذان الذي يعكس‬
  ‫بل ظل هو الشخص الذي‬             ‫مالك حداد ليس في رصيف‬         ‫الأسى‪ ،‬و»الظمأ» القائم من‬
  ‫تمكنت الظروف منه بأكثر‬         ‫الأزهار من يجيب‪ ،‬كشخص‬         ‫أجل الخلاص‪ ،‬شديد الشبه‪،‬‬
 ‫مما استطاع هو من التحكم‬                                        ‫في تأثيره‪ ،‬بالرحلة الحديثة‪،‬‬
 ‫فيها‪ .‬فسفره إلى تبوك كان‬            ‫ُبعث من جديد‪ ،‬شخص‬            ‫في القصيدة‪ ،‬إلى الكنيسة‬
‫بتحريض من أمه‪ ،‬كما كانت‬           ‫«نزعوا جلده وأعطوه جل ًدا‬      ‫الخالية التي «لا تؤ َمها غير‬
                                                                 ‫الريح» (سطر ‪ .)389‬يقر‬
       ‫عودته بتأثير موتها‪.‬‬             ‫أكثر بها ًء» (ص‪.)169‬‬      ‫إسماعيل بأن صوت المذيع‬
  ‫بمثل ما لم يقدر الرعد على‬     ‫يتم تضمين الخلاص‪ ،‬صعب‬              ‫حمله إلى «أودية الوداعة‬
                                                                  ‫والسكينة» و»فتح بوابات‬
     ‫أن «يأتي بالمطر لإحياء‬         ‫المنال‪ ،‬في صورة السحب‬       ‫الراحة في روحي» (ص‪)38‬‬
     ‫الأرض اليباب‪ ،‬فتنتهي‬             ‫السوداء التي لا تمطر‪،‬‬        ‫كما ذ َّك َر ُه بأنه «العاصي‬
    ‫القصيدة بمثل ما بدأت»‬            ‫في أحد أحلام إسماعيل‬      ‫الذي لا يعرف ذنبًا ارتكبته»‬
‫(‪ ،)97 :1962 Leavis‬كذلك‬                                            ‫(ص‪ .)38‬نراه قد أخذته‬
   ‫تنتهي رواية إبراهيم عبد‬       ‫«الجهنمية» والذي يمثل ر ًّدا‬    ‫رغبة لفظية لا عبادة إلهية‪،‬‬
 ‫المجيد من حيث بدأت‪ .‬أثناء‬       ‫على سطور إليوت الشعرية‪:‬‬          ‫وبصوت يحمل‪ ،‬على نحو‬
  ‫ركوب الطائرة المغادرة به‬       ‫«لا ماء هنا بل مجرد صخر‬           ‫متناقض‪ ،‬نبرة إحساس‬
  ‫إلى وطنه‪ ،‬ينتاب إسماعيل‬                                      ‫بالذنب والرضا في الآن ذاته‪:‬‬
‫نفس الشعور بالفراغ‪ ،‬الذي‬             ‫صخر ولا ماء والطريق‬       ‫هنا‪ ،‬أمام باب الحرم النبوي‬
     ‫شعر به حين وصوله‪:‬‬                               ‫الرملي‬       ‫الشريف‪ ،‬لم أستطع رفع‬
 ‫«أحسست‪ ..‬أني أنا والكون‬                                 ‫‪..‬‬       ‫بصري إلى السماء ولا أن‬
‫شيء واحد‪ ،‬ساخن وفارغ»‬                                           ‫أخفضه إلى الأرض‪ ،‬صارت‬
    ‫(ص‪ ،)383‬كشف ُينهي‬               ‫حتى الصمت لا يوجد في‬         ‫عيناي على مستوى وجوه‬
‫الرواية دون خلاص متوقع‪.‬‬                             ‫الجبال‬
‫وكان لإعلان الكابتن «نتمنى‬                                          ‫النساء‪ ،‬وعيون النساء‪،‬‬
‫لكم رحلة طيبة ووقتًا سعي ًدا‬     ‫بل رعد جاف عقيم بلا مطر‬           ‫وشفاه النساء‪ ،‬ونضارة‬
‫على طائرات الخطوط الجوية‬            ‫حتى الوحدة لا توجد في‬           ‫وجناتهن‪ ..‬أستغفر الله‬
     ‫السعودية» (ص‪،)387‬‬                              ‫الجبال‬      ‫العظيم‪ ،‬ماذا أفعل في خطف‬
 ‫مسحة ساخرة تثير ذكرى‬                ‫بل وجوه حمراء عابسة‬        ‫العيون والراحة التي تبعثها‬
      ‫الرسالة السنسكريتية‬                                           ‫الوجوه في الأرواح؟ أنا‬
 ‫الداعية لـالسلام» في نهاية‬     ‫تشخر وتنخر» (سطر ‪-331‬‬           ‫الآن محمول على سرير من‬
   ‫القصيدة‪« ،‬سلام‪ ،‬سلام‪،‬‬                             ‫‪)344‬‬
‫سلام»‪ .‬إن النداء بـ»السلام‬                                               ‫الزئبق‪( .‬ص‪)166‬‬
                                    ‫والتي تمثل «نذير شؤم»‬           ‫سمو آخر للروح يمكن‬
        ‫الذي يتخطى الفهم»‬       ‫(‪ .)94 :1962 Leavis‬وبينما‬          ‫تحقيقه لإسماعيل خلال‬
   ‫مسبو ًقا بالعنوان الفرعي‬
  ‫لفيلم المأساة الإسبانية(‪،)12‬‬    ‫تقدم قصيدة إليوت صورة‬
                                     ‫مشبعة بالحنين لماضي‬
                                     ‫أكثر نقاء وتضع وصفة‬

                                 ‫للرجوع إلى الإيمان من أجل‬
                                 ‫شفاء حضارة انحرفت‪ ،‬فإن‬

                                   ‫رواية عبد المجيد لم تعتزم‬
                                      ‫تقديم طريق للخلاص‪.‬‬

                                  ‫وإنما كانت عر ًضا للوضع‬
   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159   160