Page 160 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 160

‫العـدد ‪37‬‬                               ‫‪158‬‬

                               ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬                       ‫النحو‪ ،‬تنعكس هذه العلامات‬
                                                                  ‫المختلفة للهوية في الأشكال‬
‫الحكيم‪ ،‬الذين رأوا الجمال في‬    ‫الحرب العالمية الأولى‪ ،‬ميزت‬       ‫الفنية للمجتمع؛ والدين (أو‬
 ‫هذا الموضوع واستندوا إليه‬     ‫القومية بين خطاب السياسة‬
‫في بعض أعمالهم‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬       ‫العربية وأفعالها‪ .‬كان التنظير‬    ‫بالأحرى الهوية الدينية) التي‬
  ‫فإن هذا الاتجاه والاهتمام‬    ‫للقومية وممارستها في مصر‬         ‫تعرض لها الأدب المصري في‬
                               ‫أكثر تطو ًرا من أي بلد عربي‬      ‫أعمال مختارة تمت ترجمتها‬
    ‫بالكتابة عن الدين لم يدم‬
  ‫سوى بضع سنوات بسبب‬               ‫آخر‪ .‬مما لا جدال فيه أن‬        ‫إلى الإنجليزية ومن أبرزها‬
‫النشاط السياسي في سنوات‬          ‫الكتاب المصريين‪ ،‬في القرن‬      ‫«لا أحد ينام في الاسكندرية»‬
                               ‫العشرين‪ ،‬كتبوا عن السياسة‬
        ‫ما قبل ثورة ‪.1952‬‬                                           ‫(‪ ،)1996‬للكاتب إبراهيم‬
   ‫جلبت ثورة ‪ 1952‬ونهاية‬              ‫والقضايا الاجتماعية‪،‬‬         ‫عبد المجيد‪ ،‬ترابها زعفران‬
    ‫الاحتلال البريطاني آما ًل‬        ‫سواء بشكل صريح أو‬
                                 ‫ضمني‪ .‬وبينما كانت هناك‬             ‫(‪ )1986‬لإدوار الخراط‪،‬‬
      ‫كبيرة على المستقبل في‬         ‫محاولة شاملة لتوظيف‬         ‫خالتي صفية والدير (‪)1991‬‬
 ‫مصر وشجعت السكان على‬                ‫الأدب كوسيلة للتغيير‬
  ‫تبني هوية وطنية متجددة‪،‬‬         ‫السياسي والاجتماعي في‬                ‫لبهاء طاهر‪ ..‬وغيرها‪.‬‬
                               ‫مصر‪ ،‬فإن اتجاه الكتابة على‬            ‫وبحسب باربرا رومين‬
   ‫تضمنت مشاركة المجتمع‬           ‫وجه التحديد حول الهوية‬         ‫(‪ )Barbara Romaine‬فإن‬
 ‫القبطي‪ .‬في محاولة لترسيخ‬         ‫الدينية اختلف عن ذلك في‬            ‫«مسألة الهوية ‪-‬قبطية‪،‬‬
                                   ‫الكتابات الأخرى؛ فقد‪ ‬تم‬           ‫إسلامية‪ ،‬مصرية‪ -‬هي‬
      ‫الوحدة الوطنية‪ ،‬سعى‬       ‫تجاهل أهمية الهوية الدينية‬          ‫مسألة معقدة‪ ،‬ومع ذلك‬
     ‫الضباط الأحرار لحشد‬          ‫إلى حد كبير أو النظر إليها‬    ‫يمكن القول إن مسألة الهوية‬
   ‫دعم المجتمع القبطي‪ ،‬وقد‬                                       ‫الدينية ليست هي التي أدت‬
 ‫اعتبر هذا الأمر مه ًّما بشكل‬            ‫من منظور سلبي‪.‬‬            ‫تاريخيًّا إلى نشوب صراع‬
 ‫خاص نظ ًرا لازدياد الصراع‬     ‫يرجع اتجاه الكتابة عن الدين‬         ‫بين المجتمعات الإسلامية‬
     ‫الطائفي في الأشهر التي‬                                       ‫والقبطية‪ .‬في الواقع‪ ،‬حدثت‬
  ‫سبقت (ثورة) انقلاب عام‬            ‫في مصر إلى ما قبل عقد‬       ‫أخطر مشكلة بين المجموعات‬
  ‫‪ ..1952‬وسعى (الجنرال)‬           ‫الأربعينيات‪ .‬ويمكن القول‬       ‫القبطية والمسلمة في الأوقات‬
     ‫محمد نجيب بنشاط إلى‬        ‫أي ًضا إنه في العشرينيات من‬           ‫التي ع َّطلت فيها بعض‬
     ‫تعزيز الصورة القبطية‬      ‫القرن الماضي‪ ،‬تكونت الرموز‬        ‫القوى السياسية الخارجية‪،‬‬
  ‫الإسلامية للوحدة الوطنية‪،‬‬                                        ‫والداخلية أحيا ًنا‪ ،‬النسيج‬
      ‫على الرغم من الشعور‬           ‫الثقافية السائدة في الفن‬     ‫الاجتماعي في مصر‪ ،‬لدرجة‬
 ‫بالتلاعب السياسي بالأقباط‬       ‫والأدب المصري على الرغم‬         ‫أن مواطنيها وجدوا أنفسهم‬
  ‫من قبل بعض الشخصيات‬           ‫من الحقائق الثقافية السائدة‬         ‫في صراع لتأكيد هويتهم‬
    ‫السلطوية الحاكمة‪ ،‬كانت‬
 ‫هناك بالفعل مشاركة فاعلة‬          ‫لغالبية السكان‪ ،‬وهذا في‬                     ‫كمصريين»‪.‬‬
      ‫تطوعية من المسيحيين‬         ‫وقت كان من الواضح فيه‬           ‫أثرت فترة الأربعينيات إلى‬
                                  ‫أن الإسلام على مستويات‬        ‫الستينيات من القرن الماضي‬
       ‫الأقباط في هذا النظام‬                                     ‫على المشهد الأدب ّي في مصر‬
‫الجديد‪ ،‬وخاصة من الشباب‬              ‫عديدة كان أم ًرا حيو ًّيا‬
                                    ‫وأكثر ديناميكية من أي‬            ‫من خلال الأحداث التي‬
     ‫المتعلم‪ .‬كما كان اعتناق‬    ‫وقت مضى‪ .‬في الثلاثينيات‪،‬‬         ‫وقعت وكذلك طغيان موجة‬
  ‫الهوية العربية الموحدة أحد‬      ‫كان هناك اهتمام بالكتابة‬
                                 ‫الأدبية حول الإسلام‪ .‬ومن‬           ‫الأيديولوجيات الرسمية‪،‬‬
    ‫الأهداف التي كاد النظام‬        ‫هؤلاء الكتاب طه حسين‬           ‫وخاصة فكرة القومية‪ .‬بعد‬
    ‫الجديد أن يحققها بقيادة‬    ‫ومحمد حسين هيكل وتوفيق‬
  ‫الرئيس جمال عبد الناصر‪.‬‬
   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165