Page 208 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 208

‫العـدد ‪37‬‬         ‫‪206‬‬

                                                            ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬    ‫السلبية ضد « الفاكهاني»‬
                                                                         ‫و «يحيى»‪ ،‬وألفاظه النابية‬
  ‫صاحب البيت القديم»‪.‬‬             ‫كدت أبتعد حتى زفر ُت‬
     ‫هذا الحسم في تقرير‬           ‫زفرة طويلة وفكرت أن‬                       ‫التي أفردها هنا للأخير‬
    ‫«كآبة» صاحب البيت‬         ‫أعود بلا صيد {كان بالفعل‬                   ‫الذي تحتم أن ُيس َبق اسمه‬
                               ‫في طريقه إلى صيد السمك‬
  ‫مطلوب بالحاح هنا‪ .‬لكن‬        ‫على الشاطئ}‪ .‬ما معنى أن‬                     ‫بموجبها بكلمة «المدنس»‬
 ‫السؤال‪ :‬لماذا؟ وحت ًما كنا‬   ‫يأتي هذا الصاعد من الأزقة‬                   ‫أو «القذر»‪ ،‬ولكي لا يبقى‬
‫سنجيب لو عرفنا ما المهم‬       ‫العفنة ويمتلك بيتا أقدم من‬                ‫اسمه مرتب ًطا باسم مكان له‬
                              ‫عمري وعمرك كما قال عبد‬
   ‫والضروري والعاطفي‬              ‫السلام؟ لكني سرت في‬                            ‫قدسيته المعروفة‪.‬‬
  ‫الذي كان يربط صاحب‬            ‫طريقي‪ .‬لا يجب أن يخيب‬                      ‫ولا تهمنا كثي ًرا الصدمة‬
                               ‫إحساسي بالهواء الفرحان‬
     ‫البيت ببيته‪ ،‬وما هي‬      ‫حولي‪ ،‬ولا بالفضاء الواسع‬                       ‫الثالثة التي أُصيب بها‬
‫ذكرياته بين جدرانه‪ ،‬وعن‬                                                    ‫«شجرة» عندما سمع ما‬
                                     ‫الأكبر من كل شيء‪،‬‬                    ‫سمعه من المدعو «المقدس‬
    ‫أي شيء كانت أفراحه‬            ‫وليمتلك بيت الياسمين‬                  ‫يحيى»‪ ،‬بل حقيقة أن المكان‬
               ‫وأتراحه؟‬           ‫كل لصوص العالم‪ ،‬فلن‬                   ‫العريق الذي يمتد إلى تاريخ‬
                               ‫يوجد شخص أب ًدا في كآبة‬                   ‫غير معلوم على وجه الدقة‪،‬‬
‫وعلى أية حال‪ ،‬فإن المكان‪،‬‬       ‫صاحب البيت القديم»(‪.)37‬‬                 ‫ومعبق بذكريات وطموحات‬
 ‫مهما كان حجمه‪ ،‬صغي ًرا‬                                                 ‫ربما بعضها َع َرضي ووليد‬
                                ‫أنموذج المكان في‬                        ‫لحظته‪ ،‬قد « ُقتِل» ولا سبيل‬
     ‫أو متوس ًطا أو كبي ًرا‪،‬‬   ‫«بيت الياسمين»‪:‬‬                             ‫إلى إعادته إلى الحياة من‬
   ‫بدا حاض ًرا بقوة في كل‬                                                 ‫جديد‪ .‬لنترك البطل نفسه‬
                                    ‫خلاصة‬                                 ‫يعبر عن حقيقة أحساسه‬
     ‫صفحة من صفحات‬
   ‫الرواية‪ ،‬وربما كان هذا‬        ‫وجب هنا التنويه إلى أن‬                       ‫عندما أخبره «المقدس‬
                               ‫الفقرة الأخيرة التي وردت‬                       ‫يحيى» بمصير «بيت‬
      ‫أحد أسباب الإشارة‬         ‫على لسان «شجرة» كانت‬                        ‫الياسمين» العتيد‪ .‬سأله‬
    ‫إلى الصفحات المحددة‬
                                     ‫آخر فقرات الصفحة‬                                   ‫«شجرة»‪:‬‬
      ‫بالأرقام‪ ،‬واضطرار‬        ‫الأخيرة من الرواية‪ .‬وكان‬                    ‫‪ -‬هل تبني عمارة الآن؟‬
‫الدراسة إلى اقتباس فقرات‬        ‫يمكن لنا أو أي دارس أو‬
‫أو مقاطع طويلة من النص‬                                                         ‫‪ -‬أجل‪ .‬هنا‪ .‬في هذا‬
                                 ‫مهتم غيرنا أن يطلب أن‬                     ‫الشارع‪ .‬بيت الياسمين‪.‬‬
    ‫السردي لإثبات وجهة‬         ‫ُتكتب بماء الذهب وتوضع‬                     ‫لا بد أنك تعرفه‪ .‬اشتريته‬
 ‫نظرها من أن المكان‪ ،‬أكثر‬     ‫في أماكن بارزة من المحافل‬                      ‫وسأبني عمارة مكانه‪.‬‬
                              ‫الأدبية‪ ،‬لو أن مبدعها الكبير‬                 ‫«كدت {والكلام لشجرة}‬
   ‫من أي عنصر آخر من‬          ‫أظهر من الحياة داخل «بيت‬                      ‫أقف على أصابع قدمي‪.‬‬
 ‫عناصر الرواية المعروفة‪،‬‬                                                ‫وابتعدت خطوة إلى الوراء‪..‬‬
                                 ‫الياسمين» ما يرتقي إلى‬
      ‫قد فرض نفسه على‬           ‫عظمة تلك الفقرة‪ .‬ولنقف‬                                      ‫وقال‪:‬‬
 ‫الرواية التي هي موضوع‬         ‫طوي ًل عند سطرها الأخير‪:‬‬                     ‫‪ -‬اشتريته لنفسي هذه‬
 ‫هذه الدراسة وهيمن على‬         ‫«وليمتلك بيت الياسمين‬
                                ‫كل لصوص العالم‪ .‬فلن‬                                         ‫المرة‪.‬‬
    ‫نصها السردي بلا أي‬        ‫يوجد شخص أب ًدا في كآبة‬                       ‫«كنت {والكلام لشجرة‬
        ‫منافس أو منازع‪.‬‬                                                    ‫أي ًضا} أريد الإفلات منه‬
                                                                          ‫بأي طريقة‪ ..‬ومضيت‪ .‬ما‬
     ‫الأكثر أهمية من ذلك‬
  ‫حتى‪ ،‬أنه على الرغم من‬
 ‫ثبات المكان‪ ،‬إلا أنه يمكن‬

    ‫هنا النظر إليه بصفته‬
     ‫العنصر الأكثر حركة‬
     ‫مجازية ومعنوية من‬
    ‫الأشخاص‪ ،‬بمن فيهم‬
   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213