Page 203 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 203

‫الملف الثقـافي ‪2 0 1‬‬

 ‫أنبأتنا معهما بعثوره على‬     ‫أمامنا ميدان المنشية يقابلنا‬      ‫الطرقات الواسعة صخبًا‬
   ‫تلك الفرصة «في منطقة‬             ‫بهواء ثلجي وحشود‬        ‫ولعبًا حول المساكن الشامخة‬
  ‫تسمى «الخالص» ليست‬
                                ‫زاحفة من ميدان عرابي‪..‬‬             ‫ذات القرميد الأحمر‪..‬‬
 ‫بعيدة عن بغداد في محطة‬            ‫لا تفزعنا عربات الأمن‬     ‫تتوسط خلا ًء واس ًعا تحيطه‬
     ‫للصوبات الزجاجية»‪،‬‬
    ‫ليبدو مفهو ًما بعد ذلك‬      ‫المركزي القادمة في اتجاه‬          ‫حدائق‪ ..‬حولها الطرق‬
    ‫سبب تساؤل «شجرة»‬            ‫المرور الخاطئ من شارع‬          ‫المعبدة بالإسفلت اللامع‪..‬‬

‫عن الموقع الجغرافي لإمارة‬         ‫توفيق‪ ،‬ولا القادمة من‬            ‫في العيد الكبير يخرج‬
  ‫دبي‪« :‬أين تقع دبي هذه‬            ‫شارع صلاح سالم أو‬            ‫الرجال إلى سوق الأغنام‬
  ‫على خريطة العالم وكيف‬       ‫شارع النصر أو الكورنيش‪،‬‬        ‫القريب فوق جبل الطوبجية‬
       ‫أدركها الآن؟ أحلام‬        ‫أو التي في أفواه الأزقة‪..‬‬   ‫لشراء الماعز والخراف‪ ،‬وإلى‬
   ‫تزوجت منذ شهر واحد‬               ‫لا أعرف كيف احترق‬          ‫«عامود السواري» تتشح‬
   ‫زوا ًجا صامتًا وسافرت‬         ‫مبنى الاتحاد الاشتراكي‬        ‫النساء بالسواد في زيارة‬
       ‫مع زوجها إلى دبي‬         ‫القديم‪ ،‬ولا كيف انقسمت‬         ‫لموتاهم‪ ..‬أشم الآن رائحة‬
   ‫أي ًضا»‪ ،‬لتقودنا «أي ًضا»‬                                     ‫الأزقة الضيقة التي كنا‬
  ‫هذه إلى معرفة من سافر‬              ‫المسيرة إلى طريقين‪،‬‬    ‫نعبرها لنصل إلى شارع باب‬
     ‫إلى الإمارة قبل أحلام‬         ‫شارع الغرفة التجارية‬
  ‫وزوجها في سياق عبارة‬        ‫والكورنيش‪ ..‬يحترق مطعم‬                        ‫الملوك»(‪.)22‬‬
    ‫وردت على لسان بطلنا‬         ‫نصار ومصطفى درويش‬             ‫بدا المكان صدى للتطورات‬
 ‫هكذا‪« :‬نور الصغيرة ابنة‬         ‫ومقهى اللوفر وإتينيوس‬
    ‫كوثر سمراء لأن أباها‬        ‫والمونسينور‪ .‬من أين أتت‬          ‫الاقتصادية والسياسية‬
                              ‫كمية الحجارة التي قذفناها‬      ‫التي شهدتها البلاد في عهد‬
‫الذي تركها وطفلين آ َخرين‬         ‫فوق الجنود المساكين؟‬       ‫الرئيس السادات‪ ،‬ولا سيما‬
   ‫وسافر إلى دبي أسمر»‪،‬‬            ‫كيف انصاعت لأيادينا‬        ‫المظاهرات التي ع ّمت بعض‬
    ‫لينقلنا «شجرة» كذلك‬         ‫بلاطات الأرصفة؟ وكيف‬
     ‫إلى دولة نفطية أخرى‬      ‫نجوت من الدم والدخان في‬            ‫المدن المصرية‪ ،‬بما فيها‬
                                ‫محطة الرمل وأمام جامع‬       ‫الإسكندرية نفسها‪ ،‬في مطلع‬
 ‫تناغم طموحات من يبحث‬         ‫إبراهيم؟ إنني أقترب وحي ًدا‬
   ‫عن فرصة عمل مغرية‪:‬‬         ‫من محطة سيدي جابر»(‪.)23‬‬           ‫عام ‪ 1977‬احتجا ًجا على‬
                                   ‫و ُتف َهم طبيعة الأحوال‬      ‫رفع أسعار بعض السلع‬
 ‫«أخبرنا ماجد أنه اشترى‬         ‫الاقتصادية لبعض الفئات‬          ‫المهمة‪« :‬انفتحت البوابات‬
  ‫سيارة فيات نصف عمر‬            ‫وتطلعها إلى تحسينها من‬          ‫الرئيسة على مصاريعها‪.‬‬
  ‫وسيأخذنا في جولة ليلية‬           ‫إشارة النص السردي‬             ‫اندفع سيل العمال‪ ..‬أنا‬
 ‫بالإسكندرية‪ ،‬خاصة وأن‬           ‫المترع بالمكان‪ ،‬إلى أماكن‬  ‫معهم‪ ..‬نحن الآن أمام شركة‬
  ‫الدكتور موسى الصيدلي‬           ‫تقع خارج حدود البلاد‪.‬‬         ‫«باتا»‪ .‬هنا يعمل حسنين‪.‬‬
                                   ‫فها هو بطلنا «شجرة»‬        ‫هل أراه؟ مسيرتنا‪ ..‬امتدت‬
    ‫الذي يعمل عنده هدأت‬         ‫في المقهى ويلتقي صديقه‬         ‫للخلف‪ ..‬انضم إليها عمال‬
 ‫نفسه بعد أن ضمن عم ًل‬        ‫ماجد الذي حمل معه رسالة‬        ‫شركات الإسمنت والبترول‬
                                ‫صديقهما عبد السلام بعد‬      ‫والدباغة القادمين من المكس‬
          ‫في الكويت»(‪.)24‬‬          ‫سفره إلى العراق بحثًا‬        ‫ووادي القمر والدخيلة‪..‬‬
‫وفي حين نزلت فئات السلم‬         ‫عن فرصة عمل‪ .‬الرسالة‬          ‫نصل إلى كوبري التاريخ‪..‬‬
                                                             ‫على الكوبري يصطف جنود‬
  ‫الاجتماعي والاقتصادي‪،‬‬                                      ‫الأمن المركزي‪ ..‬المتظاهرون‬
‫ارتقت فئات أخرى درجاته‬                                      ‫يحرقون قسم اللبان‪ ..‬ينفتح‬
 ‫سري ًعا‪ ،‬فكان المكان المعبر‬
   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208