Page 198 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 198

‫العـدد ‪37‬‬                                                  ‫‪196‬‬

                                                             ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬                                        ‫د‪.‬كريم صبح‬

   ‫يغلب على الرواية‪ ،‬وهو‬     ‫يصعب تصور رواية من‬              ‫رواية «بيت الياسمين» لإبراهيم عبد المجيد أنموذجً ا‬‫(العراق)‬
   ‫ما سيثبت في الأنموذج‬                                           ‫هيمنة المكان على النص السردي‪..‬‬
‫موضوع هذه الدراسة‪ ،‬كما‬        ‫دون مكان‪ ،‬الذي قد يكون‬
   ‫يمثل محو ًرا رئي ًسا من‬    ‫سطح الأرض أو باطنها أو‬
 ‫المحاور التي تدور حولها‬      ‫في البحر أو في الجو‪ ،‬أو قد‬
‫عناصرها‪ ،‬لذا وصل الأمر‬         ‫يكون ذهن الإنسان حتى‪،‬‬
 ‫ببعض النقاد إلى القول إن‬    ‫أو عضو من أعضاء جسده‪.‬‬
 ‫الرواية تفقد خصوصيتها‬
   ‫وأصالتها بالنتيجة حين‬        ‫ويصعب أي ًضا ألا يكون‬
 ‫تخلو من عنصر المكان(‪.)2‬‬     ‫المكان أحد العناصر المتعددة‬
    ‫أثبتت بعض الدراسات‬        ‫التي تشتمل عليها الرواية‪،‬‬
 ‫الرصينة أن المكان يوازي‬
‫في الأهمية عناصر الرواية‬       ‫مثل الأشخاص والأحداث‬
 ‫المعروفة جمي ًعا‪ ،‬بل يرتبط‬         ‫والزمان‪ .‬فهل المكان‬

      ‫بكل تلك العناصر أو‬        ‫الروائي ضروري ومهم‬
 ‫ببعضها أو بواحد منها في‬            ‫بالفعل إلى ح ٍّد كهذا؟‬
‫الأقل‪ ،‬فبحسب ناقد عراقي‬
 ‫معاصر‪ ،‬فإن «المكان ليس‬         ‫المكان‪ :‬أبعاده‪،‬‬
                               ‫أهميته ووظيفته‬
  ‫خارطة‪ ..‬في النص يكون‬
     ‫المكان رو ًحا ملموسة‬    ‫ُين َظر إلى المكان الروائي على‬
    ‫وهائمة‪ ..‬ولا مكان بلا‬      ‫أنه «الفضاء الفسيح الذي‬

  ‫زمن‪ ،‬ولا زمن بلا مكان‪،‬‬     ‫تقع فيه الأحداث وتتصارع‬
    ‫حتى لو كان فضا ًء أو‬            ‫داخله الشخصيات»‪،‬‬
      ‫مخيلة»(‪ .)3‬ومن باب‬
    ‫أولى أن تتلازم العلاقة‬     ‫و ُي َعد «أهم عناصر العمل‬
     ‫بين المكان والإنسان‪،‬‬           ‫الروائي‪ ،‬وهو فضاء‬
    ‫ولا سيما أن المكان هو‬
                             ‫يحتوي كل عناصر الرواية‪،‬‬
‫«حاضن الوجود الإنساني‬          ‫كما قد يكون مركز العمل‬
  ‫وشرطه الرئيس»‪ ،‬ليبقى‬             ‫الروائي»‪ ،‬على أساس‬
      ‫المكان حقيقة معاشة‬         ‫أن «المكان داخل الإطار‬
   ‫ويؤثر في البشر بالمقدار‬        ‫الروائي غير المكان في‬
  ‫نفسه الذي يؤثرون فيه‪،‬‬          ‫الواقع‪ ،‬إنه فضاء خيالي‬
  ‫فلا يوجد مكان فارغ أو‬        ‫يتمتع بمقوماته الخاصة‪،‬‬
 ‫سلبي(‪ )4‬أو صامت‪ ،‬ولكنه‬
   ‫يحمل دلالة‪ ،‬وهي تعبر‬      ‫فهو يرتبط بالمضمون لكونه‬
  ‫عن نفسها خير تعبير في‬           ‫عنص ًرا فاع ًل في تطور‬
 ‫الفن‪ .‬فعندما يذكر السارد‬
     ‫أشيا ًء من المكان فهي‬    ‫الرواية وبنائها‪ ،‬وفي طبيعة‬
  ‫بمثابة علامات تدل عليه‬        ‫الشخصية وعلاقاتها»(‪.)1‬‬
                                 ‫وهكذا تجد أن المكان في‬

                             ‫النص الروائي يتخطى كونه‬
                                  ‫مجرد شيء صامت أو‬

                              ‫خلفية تجري عليها أحداث‬
                              ‫الرواية‪ ،‬فهو العنصر الذي‬
   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203