Page 194 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 194

‫العـدد ‪37‬‬         ‫‪192‬‬

                                                          ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬               ‫القبض عليه‪.‬‬
                                                                            ‫ومما عزز من تحبيك‬
 ‫التصريح أو إلى تحفظات‬      ‫“إن مجيء اللغة هو مجيء‬                      ‫المنطوقات الأدائية هو هذا‬
    ‫بشأنه‪ ،‬أو إلى الطريقة‬     ‫اللعبة‪ ،‬وترتد اللعبة اليوم‬                  ‫التمظهر بواقعية رمزية‬
                            ‫على ذاتها فتمحو الحد الذي‬                  ‫تجعل أقوال السارد الذاتي‬
‫التي يجب تناوله بها”(‪.)23‬‬   ‫تصورنا أن بمقدورنا تنظيم‬                       ‫تشي بالشك والتضاد‬
     ‫فمث ًل يصف السارد‬                                                  ‫إزاء بلدة غامضة ومريبة‬
                                ‫مرور العلامات انطلا ًقا‬                 ‫واستثنائية “الطريق خا ٍل‬
  ‫(واضحة بنت سليمان)‬                         ‫منه”(‪.)20‬‬                    ‫ح ًّقا‪ ،‬لكني لم أركب من‬
‫وقد غطت العباءة والحبرة‬                                                  ‫قبل سيارة تكاد تطير”‪،‬‬
                                  ‫وعادة ما تن ُّم سردية‬                ‫أو “ظهرت البلدة الصغيرة‬
      ‫السوداوان تفاصيل‬           ‫المنطوقات الأدائية عن‬                      ‫واختفت بسرعة” أو‬
  ‫جسدها في سياق رمزي‬          ‫مواقف قولية محملة به ٍّم‬                      ‫“وكأني أرى الصمت‬
  ‫ليس القصد منه الإدلاء‬       ‫إنساني ذي سمات فكرية‬                    ‫نفسه‪ ،‬فقد توقف كل شيء‬
 ‫بتفاصيل الجسد المختفي‬          ‫وطوابع أخلاقية‪ ،‬يق ِّسم‬                 ‫عن الحركة‪ .‬الآن فضيحة‬
                                ‫التداوليون ملاءمتها الى‬
   ‫بقدر الإيحاء بتفاصيل‬           ‫قسمين‪ :‬القسم الأول‬                                   ‫جديدة”‪.‬‬
    ‫الجسد الميت “تصلبت‬           ‫هو إجادة الملاءمة “أنا‬                    ‫ولا غرابة في أن تكون‬
‫عيناي على الجسد الصغير‬          ‫العاصي الذي لا يعرف‬                     ‫المنطوقات الأدائية محققة‬
    ‫ضائع القسمات تحت‬           ‫ذنبًا ارتكبه”(‪ )21‬والقسم‬                  ‫لأغراضها الدلالية وهي‬
 ‫العباءة السوداء الواسعة‪.‬‬      ‫الآخر هو إساءة الملاءمة‬
 ‫أريد يا ربي ساعدني أن‬      ‫“لا أحد رأى جسدك يختلج‬                           ‫تتوسل بالسرد أداة‬
‫أرى وجهها‪ ..‬الحبرة فوق‬           ‫غيري أنا والشمس‪ ،‬لا‬                         ‫وبالترميز غاية‪ ،‬فلا‬
  ‫الوجه ثقيلة‪ ..‬يقيني أنها‬     ‫بد أن الشمس رأته‪ ،‬هي‬                   ‫تكرارات إلا وهي مقصودة‬
 ‫ماتت واقفة‪ ،‬وأملي المؤلم‬     ‫التي كانت تسكب أشعتها‬                       ‫لذاتها‪ ،‬ولا تضادات إلا‬
   ‫أن أراها تتحرك‪ ،‬آه لو‬        ‫على الكون ببراءة اللبن‬                 ‫وهي موضوعة في مكانها‪،‬‬
‫تتحرك! إنها حتى لا تهتز‬     ‫الحليب‪ ،‬سأرى جسدك الآن‬                         ‫ولا انتهاكات قولية إلا‬
    ‫مع حركة العربة”(‪.)24‬‬    ‫أمامي‪ ،‬هل يختلج أم يختلج‬                     ‫وهي ناجمة عن تهيؤات‬
  ‫وتعكس سيميائية اللون‬       ‫جسدي أنا هذه المرة؟”(‪.)22‬‬                  ‫حلمية واختلالات بصرية‬
   ‫الأسود الفناء الجسدي‬      ‫وينجم عن هذين القسمين‬                    ‫“النساء لا أرى وجوهن إلا‬
   ‫كمغالطة وصفية لحالة‬            ‫من الملاءمة تفاو ٌت في‬                ‫كشعاع يختفي وسيارات‬
 ‫الاختفاء التي أسفرت عن‬          ‫رمزية الأداء الوصفي‬                         ‫زاحفة إلى الناحيتين‬
‫إنجازية تداولية بعلامتين‬         ‫للأقوال والأفعال‪ ،‬مما‬                  ‫ورائحة شواء‪ .‬وأكاد أرى‬
                              ‫يسميه (لانغشو أوستن)‬                         ‫راقصات من ألف ليلة‬
          ‫سرديتين هما‪:‬‬      ‫بالمغالطة الوصفية ومعناها‬                  ‫وليلة يوزعن الكؤوس على‬
  ‫‪ -‬درامية الإماتة‪ /‬حين‬           ‫“أن عد ًدا من الكلمات‬               ‫المارة‪ ،‬مترعة بشراب ثقيل‪،‬‬
  ‫يصور الفتاة وقد ماتت‬            ‫المربكة والمستعملة في‬                  ‫وشهريار يمر في موكب‬
 ‫مجاز ًّيا بفضيحة وصفها‬      ‫تصريحات وصفية على ما‬                       ‫من الغلمان والقيان خلفه‬
 ‫بالفاجرة “سيارة شرطة‬          ‫يظهر لا تستخدم لتشير‬                   ‫بأعلام وصنوج”(‪ ،)19‬وبذلك‬
   ‫مكشوفة في صندوقها‬           ‫إلى سمة خاصة إضافية‬                        ‫تسبق الكتاب ُة اللغ َة كما‬
   ‫الخلفي شرطي يمسك‬            ‫في الواقع الذي بلغ عنه‪،‬‬                  ‫يذهب جاك دريدا القائل‪:‬‬
 ‫ميكرفون‪ ،‬وجواره امرأة‬          ‫إنما تشير (لا تبلغ) إلى‬
   ‫أو فتاة مغطاة بالسواد‬         ‫الظروف التي أدلي بها‬
   ‫من الرأس حتى القدم‪،‬‬
 ‫واضحة بنت سليمان بن‬
  ‫سبيل التلميذة بالمدرسة‬
   189   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199