Page 192 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 192

‫العـدد ‪37‬‬                             ‫‪190‬‬

                                  ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬                      ‫التعبير اللساني‪ ،‬وبمقصدية‬
                                                                       ‫قولية تحتمل كثي ًرا من‬
  ‫تقترب ممتدة على الجانبين‬          ‫هو دا ٍر كيف يمكن للأقدار‬
  ‫بمبانيها المنخفضة البيضاء‬           ‫أن تسيِّره‪ ،‬وهو منقاد لما‬      ‫التأويلات‪ .‬وهو ما نجده‬
                                     ‫ترسمه له من مصير على‬           ‫في رواية (البلدة الأخرى)‬
             ‫ودخلناها”(‪.)11‬‬
     ‫وليس أدل على لا أدرية‬          ‫طول الرواية وعرضها “لا‬            ‫التي فيها يمتزج السرد‬
  ‫إسماعيل سوى هذه الجمل‬              ‫أدري كيف عرفت أمي أنه‬         ‫بواقعية تداولية‪ ،‬وبصورة‬
 ‫الاستفهامية التي تترى على‬            ‫سافر إلى السعودية‪ ،‬ولا‬      ‫أدائية فيها الخطاب اللساني‬
    ‫لسانه وهو يسرد وقائع‬                                         ‫يتحدد بحسب ظروف المتكلم‬
      ‫شاهدها فزادته حيرة‪،‬‬             ‫أعرف الدافع الذي جعله‬       ‫الاجتماعية‪ ،‬وكفاءته اللغوية‬
 ‫وجعلت حياته كلها مرهونة‬                ‫يرسل أكثر من خطاب‬        ‫في إنتاج دلالات ذات إحالات‬
     ‫بحل لغز كان يشعر أن‬                                           ‫إليغورية‪ ،‬غالبًا ما تأتي في‬
     ‫عليه أن يحله‪ .‬فتركزت‬             ‫يعرض فيه مساعدتي في‬         ‫شكل تضميني وبمقتضيات‬
  ‫أغلب تلك التساؤلات حول‬          ‫الحصول على عقد للعمل”(‪.)9‬‬
    ‫الفتاة (واضحة) التلميذة‬       ‫ولا مناص من القول إن عدم‬             ‫اضمار قولية متنوعة‪.‬‬
    ‫التي ُفصلت من المدرسة‬          ‫الدراية من جهة واستحكام‬       ‫وتبدأ الرواية بجملة إنجازية‬
  ‫ووصفت بالفاجرة وأحبها‬
  ‫إسماعيل‪ ،‬لأنه تصور أنها‬            ‫البنية القولية للأفعال من‬        ‫هي “انفتح باب الطائرة‬
   ‫هي الخيط الذي سيوصله‬               ‫جهة أخرى أكدا أن القدر‬      ‫فرأيت الصمت”(‪ .)7‬وبأدائية‬
    ‫إلى الحقيقة “لماذا ح ًّقا لا‬      ‫هو الفاعل السردي الذي‬       ‫قولية تكمن في هذا التكثيف‬
  ‫أستطيع الابتعاد ولا أطيق‬         ‫منطوقاته الأدائية تتجلى من‬
   ‫الاقتراب من واضحة بنت‬            ‫خلال إسماعيل وهو يتكلم‬              ‫الدلالي وتلك الصياغة‬
  ‫سليمان بن سبيل؟”(‪ ،)12‬أو‬        ‫ويتحرك أمامنا‪ ،‬ونحن نسمع‬         ‫الاختزالية المتخيلة بواقعية‬
 ‫“لماذا أنا هنا؟ سؤال صعب‬         ‫كلامه ونشاهده وهو يمارس‬
   ‫يا واضحة أصعب منه أن‬               ‫أفعا ًل ذات ملفوظات هي‬          ‫تتأكد رمزيتها في نهاية‬
‫أراك وج ًها لوجه وكأني كنت‬        ‫عبارة عن أداءات استرجاعية‬       ‫الرواية “بسرعة انفتح باب‬
                                     ‫درامية حينًا “تركت عيني‬
                ‫أعرف”(‪.)13‬‬            ‫ترتفعان وتنخفضان مع‬            ‫الطائرة وبسرعة وجدت‬
  ‫وكثرة التساؤلات لا تعني‬           ‫الاقمشة المعلقة في ع َّلقات‬     ‫جواري وأمامي ثلاثة من‬
                                       ‫عالية امام المحلات”(‪،)10‬‬     ‫الجنود”(‪ )8‬التي بها تتأكد‬
      ‫الشك فيما هو موجود‬           ‫وأوصاف مكانية بانورامية‬        ‫أي ًضا دائرية البنية السردية‬
      ‫ويقيني حسب‪ ،‬بل هي‬                                              ‫للرواية كونها تنتهي بما‬
      ‫تعني أي ًضا أن كينونة‬            ‫حينًا آخر “رأيت البلدة‬
    ‫الإنسان ‪-‬سار ًدا كان أم‬                                               ‫كانت قد ابتدأت به‪.‬‬
‫مسرو ًدا‪ -‬مسلوبة في إرادتها‬                                          ‫ولا تعني إنجازية الجمل‬
   ‫ومغلوبة في أدائها ومقيدة‬                                       ‫السردية أنها إخبارية تنطق‬
   ‫في ملفوظاتها بقوة خفية‪،‬‬
    ‫هي أعقد معرفة وتركيبًا‬                                            ‫بتقريرية‪ ،‬لأن المحاميل‬
   ‫من السارد‪ ،‬كما أنها أعلم‬                                         ‫الدلالية لكل منطوق أدائي‬
 ‫منه بمسروداته‪ .‬ولقد عرف‬                                            ‫لا تخضع لمقياس الصحة‬
  ‫الروائي إبراهيم عبد المجيد‬
   ‫كيف يوجه أدائية السارد‬                                                           ‫والخطأ‪.‬‬
     ‫الذاتي توجي ًها سيميائيًّا‬                                  ‫وما يزيد في دلالية المنطوقات‬

                                                                    ‫الأدائية أنها ُتظهر السارد‬
                                                                      ‫الذاتي (إسماعيل) دائم‬

                                                                 ‫الذهول وكثير التيهان‪ ،‬ساهم‬
                                                                      ‫الحال متكدر الهيئة غير‬

                                                                   ‫عارف ما يجري حوله‪ ،‬ولا‬
   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197