Page 196 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 196

‫العـدد ‪37‬‬                              ‫‪194‬‬

                                    ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬                          ‫يشك أن يكون هناك أحد‬
                                                                         ‫بانتظاره على الرصيف‪،‬‬
‫على قراءتها من جهة أخرى‪،‬‬            ‫ختا ًما‪ ..‬فإن ما تثبته إنجازية‬   ‫“سرقتني الرواية الصغيرة‬
    ‫أمر قد لا نصادفه كثي ًرا‬            ‫تداول سردية المنطوقات‬          ‫العجيبة كما سرقتني أول‬
                                        ‫الأدائية في رواية (البلدة‬
  ‫في الروايات الحديثة وإنما‬              ‫الأخرى) هو أن الكتابة‬                  ‫مرة قرأتها”(‪.)29‬‬
    ‫في الروايات الكلاسيكية‪،‬‬                                            ‫وبسبب هذه التعالقية غدا‬
  ‫لكنه يظل محدو ًدا نو ًعا ما‪،‬‬        ‫“واسطة لواسطة وسقو ًطا‬
‫استنا ًدا إلى ما يمتلكه الكاتب‬            ‫في خارجية المعنى”(‪)31‬‬            ‫الطابع الدرامي لأغلب‬
  ‫من موهبة وخبرة سردية‪،‬‬                                                ‫المشاهد السردية في رواية‬
  ‫فض ًل عن طبيعة الظروف‬              ‫كتعبير عن نوايا السارد في‬      ‫(البلدة الأخرى) مستوحى أو‬
  ‫الموضوعية التي تتحكم في‬            ‫التعامل مع مسروداته ومع‬         ‫بالأحرى متقار ًبا مع درامية‬
   ‫أمزجة القراء وتجعل لكل‬            ‫المسرود له‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫عصر وأوان أجواءه الخاصة‬             ‫طول هذه الرواية‪ ،‬فإن البنية‬          ‫رواية (ليس في رصيف‬
  ‫المحددة لمواضعات التداولي‬                                            ‫الأزهار من مجيب)‪ ،‬التي‬
                                        ‫السردية جاءت محبوكة‬             ‫يرويها سارد موضوعي‬
          ‫القرائي وأشكاله‪.‬‬          ‫حب ًكا يجعل كل منطوق أدائي‬           ‫بضمير الشخص الثالث‬
 ‫ولأننا اليوم في عصر رقمي‬                                             ‫“جالت كلمات خالد طوي ًل‬
‫متسارع طغت فيه برامجيات‬              ‫موضو ًعا في مكانه‪ ،‬ومؤد ًيا‬         ‫في خواطر سيمون‪ ،‬فقد‬
‫الذكاء الصناعي الافتراضية‪،‬‬           ‫غر ًضا يكمل فحواه المنطوق‬        ‫كان يحمل كلماته الرصانة‬
                                     ‫الذي يأتي بعده وهكذا‪ ..‬بلا‬        ‫المؤلمة المربكة كمن يضفي‬
  ‫تغدو الكتابة بلغة إنجازية‬          ‫حشو ولا تطويل‪ ،‬بل بمتانة‬           ‫على نفسه طمأنينة أولئك‬
   ‫تط ِّوع اللغة تطوي ًعا أدائيًا‪،‬‬  ‫لسانية إنجازية تقنع القارئ‬       ‫الذين يشيخون قبل الأوان‪،‬‬
  ‫أم ًرا مه ًّما في جذب القارئ‬                                       ‫والذين يتجنبون الكلام قدر‬
  ‫نحو عوالم السرد الروائي‬               ‫وتحمله على تداول قراءة‬          ‫المستطاع حتى لا يقولوا‬
                                       ‫الأحداث ومتابعة مسارها‬        ‫شيئًا”(‪ ،)30‬ناهيك عن تقارب‬
     ‫مهما كانت هذه العوالم‬           ‫مكتش ًفا ما سيجري للسارد‬            ‫أسلوبية التكرار في كلتا‬
‫معقدة وكبيرة‪ ،‬وهو ما تم ّكن‬           ‫من مفارقات غير محسوبة‬
                                                                                ‫الروايتين أي ًضا‪.‬‬
     ‫منه الكاتب إبراهيم عبد‬              ‫ومجريات غير متوقعة‪.‬‬
           ‫المجيد ك َّل التمكن‬       ‫وهذا التناسق المتوازي بين‬
                                    ‫أدائية اللغة السردية من جهة‬
                                     ‫وكبر حجم الرواية والصبر‬
   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201