Page 200 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 200

‫العـدد ‪37‬‬          ‫‪198‬‬

                                                           ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬     ‫دائ ًما على العالم الخارجي‬
                                                                          ‫بخلاف الغرفة‪ ،‬فهي دائ ًما‬
    ‫عن ضرورة أن تتبادل‬         ‫لاحظناه على ثلاثية نجيب‬                   ‫مفتوحة على المنزل‪ ،‬والمنزل‬
  ‫الإسكندرية‪ ،‬وهي المكان‬      ‫محفوظ‪ .‬وكذا ينطبق الأمر‬
  ‫الكل‪ ،‬و»بيت الياسمين»‪،‬‬      ‫على رواية المصري ابراهيم‬                     ‫على الشارع»(‪ ،)12‬مع أننا‬
   ‫وهو المكان الجزء منها‪،‬‬    ‫عبد المجيد «بيت الياسمين»‬                      ‫سنلاحظ في سياق هذه‬
                             ‫الصادرة في القاهرة في عام‬                    ‫الدراسة أن الـ»دائ ًما» هنا‬
     ‫عدد مرات الورود في‬
    ‫الرواية‪ ،‬فالمفروض أن‬         ‫‪ ،1986‬وجاءت في ‪137‬‬                                   ‫مهملة هناك‪.‬‬
‫«بيت الياسمين» هو البطل‬        ‫صفحة(‪ .)14‬لكن الفرق أن‬                      ‫وماذا عن وظيفة المكان؟‬
    ‫الرئيس الثاني للرواية‬      ‫الأخيرة يمكن ع ُّدها رواية‬                ‫بإيجاز‪ ،‬للمكان إسهامه في‬
   ‫إلى جانب بطلها الرئيس‬                                               ‫تطوير المعاني داخل الرواية‪.‬‬
‫الأول «شجرة محمد علي»‪،‬‬            ‫مكان بامتياز‪ ،‬حتى إن‬                  ‫ففي بعض الأحوال يتخلص‬
  ‫انطلا ًقا من حقيقة أن أي‬   ‫المكان فيها يبدأ من عنوانها‬                    ‫من تبعيته وسلبيته‪ ،‬بل‬
‫جزء (مكان‪ ،‬زمان‪ ،‬حدث)‬         ‫«بيت الياسمين» ولا ينتهي‬                      ‫يمكن للروائي في أحوال‬
    ‫يؤخذ بصفته أنموذ ًجا‬                                                   ‫أخرى أن يجعل منه أداة‬
   ‫للتعبير عن أحوال الكل‪،‬‬         ‫إلا في السطورالخمسة‬                   ‫للتعبير «عن موقف الأبطال‬
 ‫وإلا فهناك صعوبة ترقى‬        ‫الأخيرة من الصفحة ‪،137‬‬                         ‫في العالم»‪ ،‬وهو كما له‬
     ‫إلى حد الاستحالة في‬                                                ‫وظيفة داخل العمل السردي‬
  ‫متابعة مجتمع برمته في‬          ‫أي بالضبط في الصفحة‬                   ‫بوصفه المحدد الرئيس للمادة‬
‫حركته اليومية على الصعد‬          ‫الأخيرة منها(‪ ،)15‬وبذلك‬                ‫الحكائية ولتلاحق الأحداث‪،‬‬
  ‫الاجتماعية والاقتصادية‬                                                 ‫فإن له وظيفة خارج النص‬
  ‫والسياسية‪ ،‬مع ملاحظة‬              ‫يكون المكان فيها قد‬                    ‫السردي‪ ،‬من خلال عمله‬
   ‫أن الجزء الذي يفترض‬           ‫حقق هيمنته على السرد‬                    ‫«على تفجير طاقات المبدع»‪،‬‬
   ‫به أن يعبر عن الكل في‬        ‫ونصه‪ ،‬فلا تكاد صفحة‬                    ‫وتعبيره «عن مقاصد المؤلف‪،‬‬
‫الرواية ما هو إلا فيلا يكثر‬      ‫من صفحاتها تخلو من‬                        ‫إضافة إلى تحفيز القارئ‬
  ‫بها شجر الياسمين‪ ،‬تقع‬       ‫الإشارة إلى المكان بصورة‬                   ‫لإعطاء قراءة جديدة لدلالة‬
   ‫في الشارع الذي يعيش‬          ‫مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬                     ‫هذا المكان»‪ ،‬ناهيك عن أنه‬
‫على جانبيه «شجرة محمد‬         ‫على سبيل المثال‪ ،‬فإن اسم‬                    ‫«يأخذ على عاتقه السباحة‬
‫علي» وصديقه عبد السلام‪،‬‬        ‫مدينة الإسكندرية (المكان‬                    ‫بالقارئ في عالم متخيل‪،‬‬
    ‫لتتكشف لنا منذ وقت‬
 ‫مبكر عراقة الفيلا‪ ،‬أو هذا‬         ‫الكل الذي تجري فيه‬                         ‫تلك الرحلة من الوهلة‬
   ‫ما سنخلص إليه عندما‬        ‫أحداث الرواية) وحده ورد‬                        ‫الأولى تكون قادرة على‬
   ‫نستمع إلى عبد السلام‬                                                  ‫الدخول بالقارئ إلى فضاء‬
    ‫وهو يؤكد لصديقه أن‬          ‫‪ 31‬مرة على نحو مباشر‬
  ‫«بيت الياسمين هذا أقدم‬       ‫في الصفحات‪،16 –14 ،8 :‬‬                                  ‫السرد»(‪.)13‬‬
   ‫من عمري وعمرك»(‪.)16‬‬       ‫‪،56 ،51 ،49 ،39 ،25 ،21‬‬
  ‫هكذا‪ ،‬فإن حضور المكان‬      ‫‪،89 ،86 –85 ،69 ،65 ،60‬‬                     ‫طغيان المكان على‬
‫القوي يبدأ مع أول صفحة‬        ‫‪،114 ،110 ،104 ،94 –93‬‬                      ‫أنموذج الدراسة‬
  ‫للرواية‪ .‬فبطلها «شجرة‬
     ‫محمد علي» العامل في‬                    ‫‪.129 –128‬‬                       ‫ليس أم ًرا ناد ًرا أن تجد‬
                             ‫وورد اسم «بيت الياسمين»‬                       ‫رواية بعنوان ذي مدلول‬
      ‫«مصنع بناء السفن‬                                                   ‫مكاني مباشر‪ ،‬على نحو ما‬
                                 ‫(المكان الجزء من المكان‬
                                 ‫الكل)‪ ،‬من دون حسبان‬
                                ‫وروده في العنوان طب ًعا‪،‬‬
                               ‫تسع مرات في الصفحات‪:‬‬
                                 ‫‪،96 ،72 ،59 ،55 –54‬‬

                                            ‫‪.137 ،129‬‬
                                 ‫بصرف النظر هنا حتى‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205