Page 201 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 201

‫مرة أخرى وأخرى يطل المكان‪ ،‬حتى‬                                 ‫أرنست هيمنجواي‬
  ‫مع موضوعية تأكيدنا على أهمية‬
   ‫وضرورة الحديث عن مكان كهذا‬                                ‫البحرية» في الإسكندرية‪،‬‬
   ‫من الداخل لا من الخارج‪ .‬فقد عاد‬                         ‫يحدثنا عن ركوبه وزملائه‬
                                                          ‫العمال «الأوتوبيس» صبا ًحا‬
‫"شجرة" يذكر "بيت الياسمين"‪ .‬وفي‬                            ‫للمشاركة في حفل استقبال‬
  ‫كل مرة ذكر البيت إنما يفعل ذلك‬
  ‫من الخارج‪ ،‬وص ًفا وتفاصيل جزئية‪.‬‬                             ‫رأس الدولة‪ ،‬محد ًدا في‬
    ‫ولكنه هذه المرة ابتعد عنه في‬                              ‫سياق ذلك المناطق التي‬
‫ظل غياب صديقه‪ ،‬ربما خو ًفا بسبب‬                           ‫مروا بها‪« :‬امتلأ الأوتوبيس‬
                     ‫غلبة العتمة عليه‬                       ‫بالستين عام ًل وخرج من‬
                                                              ‫باب الشركة‪ ..‬تقدم‪ ..‬في‬
   ‫المبهر‪ ،‬يرتاح بحرها في‬   ‫تكف الضجة عن مطاردتك‪.‬‬              ‫شارع المكس‪ ،‬وتجاوز‬
  ‫لا مبالاة‪ ،‬وتفتح البيوت‬     ‫ما تكاد تصل إلى كوبري‬           ‫منطقة القبارى‪ ،‬ثم كفر‬
    ‫نوافذها كامرأة تجفف‬      ‫التاريخ حتى تكون رائحة‬           ‫عشرى‪ ،‬فميناء البصل‪،‬‬
 ‫شعرها تحت ضوء القمر‬                                          ‫ودخل في شارع السبع‬
                            ‫الخيش والقطن المخزون قد‬       ‫بنات‪ ،‬فعندما يتقاطع شارع‬
      ‫والفتيات تمرحن في‬      ‫غزتك‪ ،‬وترى رج ًل يتبول‬       ‫المكس لا بد تتعطل المركبات‬
   ‫الشوارع»‪ ،‬لتبدو المدينة‬                                   ‫ويزدحم التقاطع بعربات‬
                                ‫واق ًفا ووجهه إلى جدار‬      ‫الكارو والنقل والمقطورات‬
      ‫وكأنها مركز نشاط‬         ‫المخازن‪ ،‬ورج ًل يتغوط‬     ‫والأوتوبيسات‪ ..‬تنتهي فجأة‬
   ‫سياسي لا يهدأ ووجب‬       ‫ووجهه على الطريق‪ ..‬لكنك‬       ‫هدأة شارع المكس واستكانة‬
                            ‫حين تصل إلى تقاطع ميناء‬      ‫المباني التي على الجانبين»(‪،)17‬‬
      ‫على العمال‪ ،‬وهو في‬     ‫البصل حيث يلتقي شارع‬           ‫ثم نرصد من خلال المكان‬
 ‫طليعتهم بحكم مسؤوليته‬      ‫الخديوي مع شارع السبع‬             ‫الطاغي بحضوره حركة‬
  ‫القيادية في صفوفهم‪ ،‬أن‬       ‫بنات يصبح المكان رطبًا‬       ‫الشارع الدؤوبة والأمكنة‬
‫يسهموا فيه‪« :‬هل سيتكرر‬                                        ‫المتوزعة على جانبيه بما‬
                                          ‫منع ًشا»(‪.)18‬‬    ‫يؤلف دفق الحياة المستمرة‬
   ‫إخراج الشركات للعمال‬         ‫ويحظى المكان الأكبر‪-‬‬     ‫أب ًدا‪« :‬وبعد التقاطع اللعين لا‬
     ‫لتحية الرئيس؟ يزور‬      ‫الكل باهتمام بطلنا‪ ،‬فتراه‬
                             ‫يقف عند المدينة الساحلية‬
  ‫الإسكندرية في السادس‬           ‫المشهورة‪ ،‬منتق ًل ‪-‬في‬
     ‫والعشرين من يوليو‬       ‫غضون ذلك‪ -‬إلى الأماكن‬
                               ‫الأصغر‪ -‬الأجزاء‪ ،‬التي‬
  ‫{الذكرى السنوية لتأميم‬    ‫تخدم حركته‪« :‬الإسكندرية‬
   ‫شركة قناة السويس}‪..‬‬       ‫في هذا الوقت من كل عام‬
                                 ‫تكون واسعة بالضوء‬
      ‫ماذا لو نقل الرئيس‬
‫نشاطه إلى الإسكندرية قبل‬
 ‫هذا التاريخ؟»(‪ ،)19‬ليتحول‬
‫المكان في السياق نفسه إلى‬
   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206