Page 205 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 205
الملف الثقـافي 2 0 3
تأتي إحدى البنات فجأة الوجه المشرق الذي أراه الموجودة بشارعنا والتي
من الخارج راكبة تاكسي بالصبح والليل يحفز بها شجر الياسمين؟
مع رجل في وضح النهار
وتنزل حاملة طف ًل .نفس خيالي وفضولي ..يحرك -هل شاهدت بها أح ًدا؟
التاكسي لا يتغير .نفس الرغبة المدفونة في الزوج -كل يوم في الصباح الباكر
ولا أستطيع التصريح لعبد
السائق .تتلفت حواليها السلام» ،لكن الأخير الذي أرى وج ًها جمي ًل يطل من
للحظات قبل أن تنفتح لها يعرف الكثير عن البيت، النافذة.
البوابة الحديدية ،تتطلع إلى وبعض ما يعرفه يناقض
النوافذ المحيطة والشرفات حتى قول «شجرة» من أنه -ابتعد عن بيت الياسمين
يرى وج ًها مشر ًقا نها ًرا هذا(.)29
كأنها تعلن حضورها. ولي ًل ،أفضى بما يعرفه
يعرف الناس أن إحدى التحذير الذي واجهه به
لصديق عمره: صديقه يفسر انهماكه
الفتيات تزوجت منذ -بيت الياسمين هذا أقدم بحديث آخر مع نفسه يطل
عام(.)30 منه المكان وخصوصيته
من عمري وعمرك .أبي تما ًما« :لم أفهم .لم أشأ
كانا يقتربان حثيثًا من وأمي وكل الناس تعرف أن أسأله لماذا .الحقيقة
البيت موضع حديثهما أريد أن أسأله .أكاد .لقد
واهتمامها .فروى «شجرة» ذلكُ .ضرب ُت كثي ًرا في شدتني رائحة الياسمين
طفولتي بسبب تسلقي منذ انتقالي من الجنوب إلى
ما حدث أمامهما: السور وقطفي للياسمين. الشمال .الفيلا الرابضة
«أحسس ُت كعادتي بأنفي صاحب البيت وزوجته خلف السور المكلل بالزهور
يحبان العزلة فلا علاقة البيضاء والصفراء بدت
يسبقني ليشم رائحة لهما بأحد .ينجبان الفتيات لي شيئًا سحر ًّيا غام ًضا.
الياسمين قبل أن تصلني. نوافذها العالية الدائرية.
فقط .وبناتهما أجمل
وتوقفنا .تاكسي مطفأ خلق الله .هذه حقيقة. جدرانها المستديرة
الأنوار يقف أمام الفيلا. وأسعد الناس من فاز وأعمدتها الرخامية وكل
بمجرد الرؤية .ذلك يحدث شيء فيها يبدو منف ًذا على
البوابة الحديدية تفتح بالصدفة ،ولا أصدق مهل في راحة واتساع.
ونراها تخرج مرتدية أنك ترى وجه الفتاة كل
ثوب الزفاف الأبيض.. يوم .الرجل وزوجته لا
وجوارها عجوز يرتدي يسمحان لبناتهما بالخروج
حلة قاتمة ولا صوت. إلى الشارع أو المدرسة أو
رأينا السائق يفتح لهما العمل أو الانتظار خلف
باب التاكسي ورأيناهما النوافذ {على أية حال} ،لم
يدخلان ،وسمعنا البوابة يعد بالبيت غير بنت واحدة.
الحديدية تغلق ،وتحرك
التاكسي مه ًل على أرض -كيف عرف َت ذلك؟
الشارع غير الممهدة قاد ًما -الأسرار معروفة رغم
نحونا ..ما كاد التاكسي العزلة .الدخيلة كلها تعرف
يتجاوزنا حتى التفتنا سر هذا البيت .ربما تعرف
م ًعا .رأيناها تطل علينا الإسكندرية أي ًضا .هناك
من خلف الزجاج .تنظر حركة تتكرر كل سنوات.
إل َّي أم إلى عبد السلام؟
لا يقين .لم يفه أحدنا