Page 38 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 38

‫العـدد ‪37‬‬                           ‫‪36‬‬

                                                               ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

‫ناهض زقوت‬

‫(فلسطين)‬

‫البنية السردية في رواية‬
‫«الكراكي» لحسن حميد‬

‫القيمة الجمالية التي تحققها رواية الكراكي لدي القارئ نابعة من جمالية‬
‫اللغة وآليات التعبير السردي‪ ،‬ومن جماليات وصف المكان‪ ،‬وما يحمله‬
‫من ملامح تراثية وحكايات شعبية ما زالت راسخة في الذاكرة الشعبية‪،‬‬
‫يشعر القارئ أنه يعيش عالم قرية الصبيرات وبحيرة طبريا في زمنها‬
‫الجميل يوم أن كانت عامرة بالسكان‪ ،‬وقبل أن تتحول إلى عالم الغياب‪،‬‬
‫ولكن الأمل ما زال قائ ًما بعودة المكان وأهله حين نمتلك المعرفة‪،‬‬
‫ونرسخ المحبة بيننا كأصحاب لهذا المكان‪.‬‬

 ‫الكثير من تقنيات السرد إلا أنها تنفرد برؤيتها في‬    ‫تمثل البنية شبكة العلاقات الحاصلة بين مكونات‬
 ‫البناء السردي القائم على إعلاء قيمة العقل الممزوج‬
                                                     ‫العمل الروائي‪ ،‬والسرد هو طريقة الحكي‪ ،‬وتتفاوت‬
    ‫بالبعد الجمالي‪ .‬هي الرواية العاشرة في مسيرة‬         ‫الآراء والتعريفات بين النقاد حول تعريف البنية‬
    ‫الكاتب الروائية‪ ،‬صدرت في دمشق عام ‪.2019‬‬            ‫السردية‪ ،‬ولكن ثمة إجماع على أن البنية السردية‬
   ‫تغوص الرواية في التاريخ والأساطير والغرائبية‬
  ‫والمثيولوجيا والتراث الشعبي‪ ،‬يحاول من خلالها‬       ‫في العمل الروائي تتشكل من الشخصيات والأحداث‬
    ‫إحياء الجذور الضاربة في عمق الأرض للشعب‬              ‫والزمان والمكان‪ ،‬وثمة مغايرة بين طرق السرد‬
‫الفلسطيني‪ ،‬لكي يبرز حضارته‪ ،‬وتفاعله مع المكان‪،‬‬          ‫لدى الكتاب‪ .‬بعد أن تخلص الكتاب الروائيين من‬
     ‫ويؤكد على أنه صاحب هذه الأرض مهما طال‬                 ‫الواقعية التقليدية التي تعكس الواقع‪ ،‬وترسم‬
‫الزمان‪ ،‬فما زالت الشواهد ومعالم المكان قائمة‪ ،‬وإن‬          ‫ملامحه وتفاصيله بشكل فوتوغرافي‪ ،‬اتجهوا‬
                                                        ‫إلى تجريب أشكال روائية جديدة‪ ،‬بحيث تحولت‬
                                      ‫غاب أهله‪.‬‬
                                                      ‫بوصلة الكتابة الروائية لديهم من الواقع إلى الذات‪،‬‬
            ‫عتبات النص‪:‬‬                                 ‫وأصبح اهتمام الروائي بالجانب الجمالي للشكل‬
                                                         ‫الروائي أكثر من اهتمامه بالمضمون‪ ،‬لذا بدأ في‬
  ‫تحفل الرواية بالعديد من العتبات‪ ،‬بد ًءا من عنوان‬     ‫إدخال تقنيات ووسائل تعبيرية جديدة في الرواية‬
    ‫الرواية الرئيسي‪ ،‬إلى عناوين الفصول الروائية‪،‬‬       ‫من الفانتازيا إلى العجائبية إلى الأسطورة والتراث‬
    ‫إلى العتبة التي لا بد منها التي افتتح بها السرد‬    ‫الشعبي‪ ،‬إلى التناص من التاريخ أو الكتب الدينية‬

 ‫الروائي‪ .‬ولكن عتبة العنوان هي العتبة الأهم التي‬      ‫أو المحكيات الشعبية‪ .‬ونحن أمام رواية حفلت بكل‬
   ‫يلج من خلالها القارئ إلى عالم النص مستكش ًفا‬                                        ‫هذه التقنيات‪.‬‬
   ‫أعماق النص ومحي ًطا بجوانبه وأهدافه ومراميه‪.‬‬
                                                          ‫تعد رواية (الكراكي) للكاتب الفلسطيني حسن‬
                                                     ‫حميد من روايات التجريب الحداثي التي تعتمد على‬
   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43