Page 43 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 43
تتجلى الواقعية السحرية في الرسم والطيور التي كانت تعيش في المكان .فيأتي
الوصف معب ًرا عن واقعية السرد والأحداث.
الواقعي السحري لشخوص وأحداث
الحلم:
الرواية ،وفي التماهي بين الحقيقة
كان انشغال «عبودة» بحب «ماريا» ،وخوفه
والخيال ،وفي ذلك تمايز فني عن الدائم من عدم الارتباط بها شكل في ذهنه
السرود التقليدية ،وهذا ما يشير غيو ًما سوداء ،وغرق في تخيلاته وأحلامه عن
مصيرهما« :تخيلت أنها جاءت وحدها ..وقبل
إلى درجة الانزياح على مستوى
أن تأخذ الدرب الموصل إلى بيتنا ،دلفت إلى
تقنيات السرد .وقد استخدم الكاتب مدخل دغلة الاشجار المواجهة للكنيسة لتتفقد
في بناء روايته تقنيتي الأسطورة وقوفنا ..انقض عليها قاطع طريق ،وأخذها
إلى داخل الغابة ،وأنها حاولت أن تصرخ ،وأن
والعجائبية.
تنادي ،لكن قاطع الطريق الضخمة السوداء
تشمل غزارة الصيد والشراب وكثرة الخبز وشفاء أغلقت فمها الصغير ،وقطعت شفتيها العسليتين!
المرضى ،جعلت العديد من أهالي القرية والصيادين لا بد أن ماريا تبكي الآن وتنادي ،وقاطع الطريق
الأسود ،يشحذ سكاكينه مهد ًدا إياها أن تصمت،
يتبعونه .إن لهذه الأسطورة بعدها التاريخي، وأن تنفذ أوامره ..فأهب واق ًفا ..،فأصرخ بها :ماريا
فالسيد المسيح عمد في مياه بحيرة طبريا ،ونشر يا أمي ،قالت :ما بها؟! قلت :الغابة ،قاطع الطريق،
الدين الذي جعل الناس يتبعونه ،وهو الذي مشى النار ،السكاكين! قالت وهي تضمني إليها :أنمت،
فوق الماء لينقذ قار ًبا في عمق البحيرة يحمل أتباعه،
وقد واجهتهم العواصف ،ولهيبته وكرامته سكنت وحلمت» .لقد مهد هذا الحلم لما سيحدث لاح ًقا
الرياح وتوقفت العواصف .في المقابل كان السيد لماريا حينما تذهب إلى الناصرة لتشتري لوازم
المسيح مطار ًدا من الأعداء وهم اليهود« :فدخل العرس ،وتغيب ولم تعد.
دغلة القصب وغاب فيها ،وما إن غاب حتى هبت
رياح قوية ،فهاج القصب وماج ،وعصفت بشطآن الواقعية السحرية:
البحيرة ،ففاض ماؤها وأزبد حتى صار الزبد تلا ًل
حاجبة ،وقد عمي مطاردو سيدنا ،وتخلعت أذرعهم تتجلى الواقعية السحرية في الرسم الواقعي
وأرجلهم ،وبعضهم غرق في البحيرة ،وبعضهم السحري لشخوص وأحداث الرواية ،وفي التماهي
فر» .وتعبر دلالة السرد عن الواقع الحالي ،منذ زمن
السيد المسيح الفلسطيني ،والفلسطينيون مطاردون بين الحقيقة والخيال ،وفي ذلك تمايز فني عن
السرود التقليدية ،وهذا ما يشير إلى درجة الانزياح
من الأعداء اليهود. على مستوى تقنيات السرد .وقد استخدم الكاتب في
في هذا المكان بنيت الكنيسة التي تمثل السيد
المسيح ،ولكنها لا تؤمن بخرافات الناس بأنها تمنح بناء روايته تقنيتي الأسطورة والعجائبية.
الإنسان البركات وتشفي المرضى ،فالكنيسة غيرت في تقنية الأسطورة نقرأ عن سيرة سيدنا المبارك
تفكير الناس ،فهذا (عبودة) حينما مرض ،أشار
الناس على أمه أن تذهب به إلى الكنيسة للبركة من كتاب جده الشمندوري ،الذي يمشي فوق
والشفاء ،ولكن حينما شاهده راعي الكنيسة قال: الماء ،وأن لديه قوة خارقة «أنا لم أر سيدنا هنا في
طبريا ..وكان يخالط الصيادين الذين أحبوه كثي ًرا،
«هذا لا يحتاج إلى كاهن بل إلى طبيب».
وانحنوا له مدهوشين وهم يرونه يمشي فوق
سطح الماء ،كان ضو ًءا أو يكاد ،كان غي ًما شفي ًفا
خفي ًفا ..أو يكاد» .وهذا السيد الذي كانت بركاته