Page 86 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 86

‫العـدد ‪37‬‬   ‫‪84‬‬

                                                   ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

  ‫المنظمات التحت أرضية التابعة للمنظمة أعلنت ما‬    ‫آخرون يهاجمون القادة الذين فرطوا‪ ،‬وفريق يمجد‬
 ‫اعتادته من تهديدات بتفجيرات عديدة منها تفجير‬        ‫الأبطال الذين استشهدوا‪ ،‬والبعض يكشف بعض‬
                                                       ‫أسرار مشينة لمن كانوا في درجة تشبه التنزيه‪،‬‬
    ‫المنظمة نفسها‪ ،‬وكان رد الفعل الوحيد بعد كل‬
‫تهديد أن يضع جميع مستخدمي وسائل التواصل‬            ‫أسرار موجودة فعليًّا‪ ،‬لكنها تكشف قلي ًل قلي ًل وفق‬
                                                     ‫استراتيجية محددة كل عام‪ ،‬مشادات كلامية على‬
   ‫في العالم وج ًها ضاح ًكا بسخرية على صفحاتهم‬       ‫شاشات التليفزيونات‪ ،‬ينتقل صداها إلى الشارع‪،‬‬
       ‫لعدة ثوان‪ ،‬ثم ينشغلون بأمورهم الخاصة‪.‬‬           ‫تهديدات بتفجيرات في أماكن مختلفة من العالم‬
                                                    ‫من أجل القضية‪ ،‬تحذيرات الحكومات من الشغب‪،‬‬
 ‫منذ أسبوعين أمر السيد (‪ )3X‬بمضاعفة الميزانية‬          ‫استعداد الشباب في العديد من البلدان لأي نداء‬
  ‫المخصصة لشحن الشباب للخروج إلى الشوارع‪،‬‬               ‫للتظاهر‪ ،‬حكومات تدين المتظاهرين المشاغبين‪،‬‬
  ‫لكن الأموال ُصرفت ولم يظهر لها أي عائد‪ ،‬فكل‬          ‫حكومات تؤيد المتظاهرين المناضلين‪ ،‬خطباء مع‬
‫التسجيلات التي عرضت عليه لتجمعات شبابية في‬              ‫القضية‪ ،‬خطباء مع التطبيع‪ ،‬رسوم كاريكاتير‬
 ‫بلدان مختلفة لم تتعرض لذكر القضية ولو بجملة‬            ‫مع وضد‪ ..‬ثم تنفجر الكثير من شوارع العالم‬
                                                      ‫بالمظاهرات الحاشدة‪ ،‬تؤيد المظاهرات الكبرى في‬
                                        ‫واحدة‪.‬‬
 ‫هل توجد منظمة أخرى موازية لنا تعمل في ظلام‬        ‫الأرض المحتلة‪ ،‬فقتل للمتظاهرين في أماكن‪ ،‬وسحل‬
                                                   ‫في أخرى‪ ،‬وسجن في ثالثة‪ ،‬وتبدأ المنظمات الحقوقية‬
                        ‫أكثر قتامة ضد أهدافنا؟‬
 ‫دار السؤال بذهن السيد (‪ ،)3X‬ثم نطق به لسانه‪،‬‬        ‫عملها وضجيجها المحسوب بدقة حسب وزن كل‬
‫فكر معاونوه‪ ،‬ناقشوا كل الإجابات المحتملة‪ ،‬لكنهم‬       ‫دولة‪ ،‬وأثناء ذلك تكون قد زادت مساحة الأرض‬

    ‫في النهاية لم يتوصلوا إلى إجابة مرضية‪ ،‬فمن‬          ‫المحتلة‪ ،‬وعدد الشهداء‪ ،‬والمسجونين‪ ،‬وأرصدة‬
 ‫المستحيل وجود مثل هذه المنظمة بدون أن يعلموا‬            ‫كل الأطراف الأخرى من حكومات وإعلاميين‬
  ‫عنها شيئًا‪ ،‬كما أنهم لا يتخيلون أن يفكر أحد في‬     ‫وإرهابيين ومحركى مظاهرات‪ ،‬وزاد بدرجة أكبر‬
  ‫العالم في العمل ضدهم لأنه بهذا يحكم على نفسه‬           ‫إحباط من خرجوا من أجل القضية مستعدين‬
                                                   ‫للتضحية بأنفسهم مقابل شعاع من أمل في التغيير‪،‬‬
                                        ‫بالموت‪.‬‬        ‫لكن السيناريو محكم‪ ،‬والمخرج قوي‪ ،‬والممثلون‬
‫لم يكن شروق شمس يوم ‪ 15‬مايو وتسلل أشعتها‬
                                                                             ‫يؤدون أدوارهم جي ًدا‪..‬‬
  ‫عبر زجاج مكتب السيد (‪ )3X‬بشير فرح وزيادة‬                                    ‫فماذا حدث هذا العام؟‬
‫مخصصات مالية ومجد يحصده هو ومنظمته ككل‬                  ‫ضرب السيد (‪ )3X‬المكتب بقبضته اليمنى مرة‬
 ‫عام‪ ،‬كان هذا الشروق نذي ًرا بغروبه هو شخصيًّا‪.‬‬       ‫أخرى‪ ،‬وهو يصرخ بالسؤال‪ ،‬نظر إليه معاونوه‬
                                                       ‫بفزع‪ ،‬وتوقفوا عن الكلام للحظات‪ ،‬ثم واصلوا‬
 ‫قام من كرسيه وهو يشعر بإجهاد قاتل‪ ،‬وصداع‬          ‫الحديث في التليفونات محاولين الوصول إلى تفسير‬
      ‫أكثر فت ًكا‪ ،‬نظر إلى خريطة الحائط‪ ،‬كانت على‬
                                                                                               ‫ما‪.‬‬
‫حالها من الموات والصمت‪ ،‬وكانت رؤوس معاونيه‬         ‫أدى الإعلاميون من الفرق المختلفة أدوارهم بمهارة‪،‬‬
  ‫ملقاة على طاولة الاجتماعات وقد تعال غطيطهم‪،‬‬
  ‫وأصوات كثيرة بلغات عديدة تأتي عبر سماعات‬               ‫خصو ًصا أنها لا تكلفهم سوى إعادة نشر ما‬
                                                       ‫نشروه ساب ًقا‪ ،‬وبدأت المعارك الإعلامية تلتهب‪،‬‬
‫التليفونات المفتوحة تتساءل بفزع‪ :‬ماذا نفعل؟ ماذا‬       ‫لكن مكتب الرصد الإعلامي في المنظمة رصد أن‬
                                         ‫نفعل؟‬          ‫الناتج صفر‪ ،‬فلا أحد يشاهد هذه البرامج على‬
                                                        ‫شاشة التليفزيون‪ ،‬ولا في اليوتويب‪ ،‬ولا يوجد‬
‫كانت هذه آخر مرة يفكر فيها السيد (‪ )3X‬في فتح‬       ‫(لايك) واحد على أي منها في أية وسيلة من وسائل‬
  ‫زجاج نافذة مكتبه‪ ،‬لكن من رأوا جثته تسقط في‬
    ‫الهواء لترتطم بالأرض محدثة صو ًتا مدو ًّيا لم‬                              ‫التواصل الاجتماعي‪.‬‬
   ‫يعرفوا أن جثثًا أخرى سقطت في اللحظة نفسها‬
         ‫بطرق مختلفة في أماكن عديدة من العالم‪.‬‬
   81   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91