Page 89 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 89
87 إبداع ومبدعون
قصــة
وتركتها تغلي فوق البوتاجاز. جسدها الطري ،المنقوش
بحثت في أدراج مطبخها بهمة ،ثم بالحناء على فخذها الأيسر
وردة بأغصانها الطويلة،
أمسكت كي ًسا صغي ًرا به حبات
صغيرة سوداء ،أفرغتها في كوب من رآها طاقم التمريض
والطبيب ،وهم يسألون
الألومنيوم يبدو عليه القدم ولونه عن العنيف الذي تسبب في
أسود من الداخل ،من آثار الصبغة،
أخرجت من ثلاجتها علبة زبادي، كل هذا التهتك.
أضافتها على الصبغة بعد إذابتها لازمتها والدتها في الفراش
حتى تمنعه عنها طوال خمسة
على النار ،مشطت شعرها، عشر يو ًما ،والصباحية التي
ووضعت الصبغة ثم أحكمت كانت للمباركة ،أصبحت للسؤال
وضع كيس بلاستيكي على والاطمئنان ،لا يوجد ما تخبره للفتيات
هم ًسا كما كان يحدث مع المتزوجات حديثًا،
شعرها. بهتت الحناء قبل أن يقبلها كما كانت تشتهي،
أمسكت بإصبعيها عود
كبريت وغمرته في عجينة أو يخبرها بجمالها.
السكر التي فارت قليلاً، كان يفخر بكونه رج ًل خا ًما ،فهو بريء من كل
وقطرت على حافة الدنس ،لكنه في نظرها همجي وأرعن وعنيف،
البوتاجاز ،تكورت القطرة، استمر زواجهما خمس سنوات ،كانت سلسلة
كانت ذهبية ولامعة ،أغلقت من العذابات والمرارة ،أنجبت ملك بالرغم من
موانع الحمل ،مرضه الجنسي وسرعته حالا دون
البوتاجاز ،ووضعت الحلة
داخل حلة أكبر بها ماء بارد من الثلاجة. ارتوائها طوال فترة زواجهما.
ها هي مطلقة وأم طفلة ومتعبة ،هرب من
خلعت ما تبقى من ملابس ،فردت العجينة الذهبية مسئوليته ،والمحاكم لا تعرف سوى التأجيل،
على ساقها اليمنى ،ثم اليسرى ،وهكذا حتى انتهت لا يدفع جني ًها لابنته ،هي تعمل وترعى وتربي،
وتنسى أنوثتها المستعرة بداخلها ،لكنها تحت
من كامل شعيرات جسدها.
فكت الكيس بعدما دخلت الحمام ،وانهمر الماء الرماد متوهجة.
بلونه الأسود ،تراقبه وهو ينجرف نحو المصرف، تشتاق لوجود رجل ولا سبيل إليه ،فرصها كادت
تنعدم برفقة طفلتها ،من الذي سيربي طفلة ليست
وتتخيل أيامها الحزينة تمضي معه ،مررت من صلبه ،من يتقدمون لخطبتها يعرضون عليها
أصابعها على جسدها العاري ،وهي تتخيل آخر
أن ترسلها لوالدها ،لكنها لا تحتمل فراق ابنتها
يشاركها هذا البهاء. عنها.
أنهت حمامها ،مشطت شعرها ،ونظفت المنزل،
نظرت إلى الساعة ،اقترب موعد وصول ابنتها، تسللت إلى مواقع السوشيال ميديا ،تواعد هناك،
ارتدت عباءتها ونزلت السوق ،اشترت البيتزا التي وتسمع كل ما تريده ،ثم تضم وسادتها وتبكي
حتى تنام ،لكنها تريد الحقيقة ،ترفض أن تفتح
تحبها طفلتها والآيس كريم. الكاميرا مهما بلغ احتياجها ،تدرك ما قد تتورط به
رن الجرس ،فتحت لصغيرتها التي تعلقت برقبتها
جراء فعلتها.
في حضن طويل. مررت أصابعها على شعرها الهائش ،ونهضت
طلبت منها أن تغير ملابسها وتستحم فهناك من فوق كنبتها ،متجهة إلى المطبخ ،أمسكت حلتها
مفاجأة لها ،استجابت الصغيرة بفرح ،وعندما رأت الصغيرة ووضعت السكر والليمون وقليل من الماء،
البيتزا ،دارت حول السفرة بمرح ،وقبلت والدتها
مجد ًدا ،غمر قلب صباح الامتنان.