Page 165 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 165
163 الملف الثقـافي
والفكري ،وتأسس عليه فهم برهنة عقلية صحيحة أي ًضا الناس لمدة طويلة من السنين
ثابت ومستقر للقرآن ينقله مع أنها مختلفة كل الاختلاف دون أن يلاحظوا أنها معكوسة.
خلف عن سلف على مدى قرون عن الصورة كما هي في الواقع ومثل هذا حصل لأهل الأرض
متطاولة ،ولم يكتف بذلك بل قدم عبر مئات السنين عندما كانوا
لنا في النص السابق مسلمة ظل المادي أو الطبيعي. يعتقدون أن الشمس تدور حول
الناس يؤمنون بها زمنًا طوي ًل، هذا اللون من المسلمات صحيح الأرض ،ولكنهم كانوا عاجزين
وهي «أن الشمس تدور حول في ذاته رغم مجافاته للواقع أو
الأرض» ،مع عجز هذه المسلمة عن تفسير بعض الظواهر
عن تفسير كثير من الظواهر الحقيقة ،وتكمن خطورته في انطلا ًقا من مسلمتهم هذه ،حتى
الطبيعية ،حتى نقضت وحل سلامة مقدماته ونتائجه لأنها
محلها «أن الأرض تدور حول من الناحية العقلية مستوفية جاء شخص واحد منهم ،بشر
الشمس» ،ولم يكن التسليم بها مثلهم ،وقال إن العكس هو
الأدلة والبراهين .ولكن هذه
يسي ًرا ولا قليل التكلفة. المسلمات العقلية ،مع أنها الصحيح ،وإن الأرض هي التي
في ضوء ما سبق ،فإن خصام صحيحة في ذاتها ،فإنها واهية تدور حول الشمس».
شحرور مع المعرفة المنقولة ضعيفة حين نواجهها بما
ينقضها نق ًضا من الأساس. فالصورة المعكوسة غير
هو خصام نقدي مع المنطق فحين نفرض أن الخط المستقيم الصورة المنقوصة ،كلتاهما
الشكلي المؤسس لهذه المعرفة، هو أقرب مسافة بين نقطتين، صورتان للوجه ،الأولى منهما
ومع ما بنيت عليه من مسلمات فإن هذا الفرض لا يصمد أمام نقل حرفي ناقص استرعى
وما أدت إليه من نتائج تبلورت المنطق التجريبي الذي لا يعترف انتباه المشاهد فبادر بالإعلان
بالخطوط المستقيمة ،لأن كل عن النقص طلبًا لاكتمال صورة
فيما انتهت إليه الأدبيات شيء في الطبيعة من حيث الوجه كما هي مستقرة في
الإسلامية منذ مطلع القرن الأبعاد هو منحنى ،والانحناء الوعي ومماثلة للوجه كما هو
العشرين ،وهي تطرح الإسلام ليس صفة في الأبعاد وإنما دون زيادة أو نقصان .وهكذا
عقيدة وسلو ًكا دون أن تدخل فحوى بنيتها ،وأن هذه البنية الحقيقة المادية لا اختلاف عليها
في العمق الفلسفي للعقيدة متحولة وليست ثابتة وأنها لوجودها المستقل عن الوعي
الإسلامية« .ولقد انطلقت من نسبية ومتطورة .فالتطور ولا تأثير على مكوناتها لو رسم
أطروحات عدتها من مسلمات والتحول أساس قوانين الوجود لها الوعي صورة منقوصة.
العقيدة الإسلامية وهي لا تدري وليس السكون أو الثبات. أما الصورة الثانية للوجه فهي
أن هذه المسلمات بحاجة إلى وهكذا ،فإن الصورة المنقوصة الصورة المنقولة عن الأصل
إعادة نظر .فدارت هذه الأدبيات هي صورة ليست منقوصة في أو الصورة التي انعكست عن
في حلقة مفرغة .ولم تصل عرف المنطق الشكلي ،ولكنها الوجه المثال الذي هو الوجه
إلى حل المعضلات الأساسية هكذا في عرف الواقع التجريبي المادي المستقل بوجوده عن
للفكر الإسلامي (التقليدي) مثل الوعي .هذه الصورة المنقوصة
أطروحة القضاء والقدر والحرية، والطبيعي. لنقص في الوعي ،صارت هي
ومشكلة المعرفة ،ونظرية وهذا ما دعا شحرور إلى نقض الصورة المثال التي تحولت إلى
الدولة ،والمجتمع والاقتصاد، مسلمات المنطق الشكلي الذي مسلمة من مسلمات العقل أو
والديمقراطية وتفسير التاريخ»، المنطق الشكلي الذي يستطيع
بنيت عليه المعرفة المنقولة البرهنة على صحتها وكمالها
لنا عبر تراثنا الفقهي واللغوي