Page 160 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 160
العـدد 21 158
سبتمبر ٢٠٢٠ اليوم التالي ،في اللحظة التي
كنت فيها على وشك أن أطفىء
فلقد وجدت أن هذا الشارع ما إليف شافاق
هو إلا مركب وكل ما علي فعله فيها التليفزيون ،أسمع خب ًرا
كي أقوم برحلة تلو الأخرى هو محشورة في صهريج للماء. عاج ًل .انفجار قنبلة أمام المعبد
ببساطة ،أن أبقى على سطحه». وتقول آيزن «يقال إن هذه
تبتسم لي آيزن ابتسامة غامضة. الأسماك خطيرة ج ًدا». اليهودي الذي يقع على بعد
وأخبرها أن دوري جاء الآن كي خطوات من عمارتنا .وبعد عشر
اسأل «لقد جاء ناسي ومعارفي وأتمتم قائلة «لا تخافي» وأنا
وأقربائي وعاشوا هنا ،ثم جاء أمسك بيديها الحمراوين كلون دقائق تدق آيزن باب منزلي.
ناسك ومعارفك وأقرباؤك ويو ًما وتقول إنها خرجت لاستنشاق
ما رحلوا أي ًضا .ولكن ماذا عنك؟ البنجر تتخللهما مسارات بعض الهواء ولشراء عدد جديد
كالخيوط الدامية التي تسير بلا
لماذا لم ترحلي مع الفتيات اتجاه .ثم أتابع قائلة «إن السمك من مجلة «المحيط العميق».
الأخريات؟”. وتقول إنها وهي في طريق
الضاري قاتل ،ولكن لا يعد عودتها مرت من أمام المعبد قبل
وتقول بخجل «أحب هذا المكان سبا ًحا ماه ًرا ،ولا يستطيع قطع دقائق معدودة من الانفجار.
بشكل أو بآخر». كل هذه المسافة إلينا ،نحن في قضينا المساء كله ونحن نجلس
على الأريكة بجانب بعضنا
بمجرد أن تغادر آيزن أشغل أمان». البعض ،نتابع الأخبار .نشاهد
التلفزيون .وأثناء الوقت المتبقي “حقيقي؟ ما تبقى من أجساد المسلمين
وأطمئنها قائلة: واليهود على حد سواء وقد
من المساء آكل عاشوراء، “حقيقي”
وأشاهد الأموات والمصابين تقفل عينيها وتبدو هادئة وكأن اختلطت الدماء بالدماء.
فقدان البصر المؤقت يريحها. وتقول الشابة المراسلة الأنيقة
المحمولين على النقالات، وبعد نصف ساعة ،قبل أن تذهب في تقريرها «تاريخيًّا يعد هذا
وأحاول ألا أصلي ،كي أبقى إلى شقتها تسألني: الحي من أكثر الأحياء المتعددة
وفية لعهد قطعته على نفسي “ مدام إستر ،لماذا لم تغادري الأجناس في المدينة» بطريقة
منذ عقود مضت بألا أنطق آنذاك؟ كان بإمكانك الذهاب مع متوترة يغلب عليها الاشمئزاز،
أسماءهم ولا أتسول المساعدة من غادر من اليهود ،لماذا لم ليس بسبب المشهد وإنما لأنه
أو الحماية مرة أخرى .هنا على تغادري؟”. أول يوم لها في العمل .ثم تطلق
الأريكة بينما يتأرجح عقلي الذي وأقول لها« :لقد اكتشفت س ًرا. تنهيدة وهي تقول «والآن ليس
شاخ بين النوم والصحيان بدأت هناك إلا أشلاء مبعثرة» وكأن
هذه الجملة الأخيرة التي أعلنتها
أسمع الطرطشة.
ربما ثلاجة قديمة وحزينة تسبح قد أرهقتها.
تحت المطر .وربما سمكة عقرب وبعد أن تنتهي الأخبار تعطيني
البحر بعد طول انتظار تقضم آيزن مجلة «المحيط العميق».
الحبال التي لا تزال تربطنا ودون أن ننبس بكلمة نقلب في
بإسطنبول .أو جارتي العاهرة صفحاتها إلى أن نجد أنفسنا
السابقة تحك يديها بالليفة أمام صورة كبيرة لأسماك
(بيرانا) أو الضاري (سمكة
وتكشط رحمها في البانيو على
سطح مركب مازال بإمكانه ذات أسنان حادة وآكلة للحوم)
الإبحار في أي وقت وإلى أي
مكان