Page 162 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 162

‫العـدد ‪21‬‬                                                    ‫‪160‬‬

                                 ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬                                           ‫د‪.‬أحمد يوسف‬

‫المناسبة‪ .‬وينبغي على المعلم أن‬              ‫‪-1-‬‬                    ‫الدكتور محمد شحرور‪..‬‬
‫يعي كلية النص في ضوء ترابط‬             ‫تمهيد تأسيسي‬                    ‫القراءة والتأويل‬
‫مكوناته وقدرتها على التأثير أو‬
                                    ‫محمد ديب شحرور (‪11‬‬
  ‫الإبلاغ أو الإفهام حين يقدمه‬
 ‫للمتعلمين‪ .‬فما معنى تشبيه هنا‬        ‫أبريل ‪ 22 -1938‬ديسمبر‬
                                    ‫‪ )2019‬طفل سوري جاء إلى‬
    ‫أو تشبيه هناك؟ أو استعارة‬     ‫الدنيا بعد احتلال فرنسا لوطنه‬
‫هنا أو استعارة هناك إن لم تكن‬      ‫عام‪1920‬م‪ .‬لم ينل من التعليم‬
                                  ‫المتاح في دمشق إلا البكالوريا‬
   ‫وليدة بنية لغوية ذات سمات‬      ‫ولم يفارقه شوقه إلى مزيد من‬
  ‫تختلف من نص إلى نص‪ ،‬وإن‬          ‫العلم فشد الرحال إلى موسكو‬
 ‫لم تكن متضمنة طريقة التفكير‬        ‫بدعم من والده الذي بذر في‬

     ‫التي أنتجتها ورؤية العالم‬        ‫وجدانه بذرة الحرية وحق‬
              ‫الكامنة وراءها‪.‬‬        ‫الاختيار؛ كما نص على ذلك‬
                                    ‫شحرور في صدر أول كتاب‬
    ‫في ضوء هذه النظرة‪ ،‬أدرك‬        ‫من كتبه «الكتاب والقرآن» عام‬
     ‫شحرور أن لا قيمة لشتات‬
   ‫النص ولا قيمة للنصوص ما‬                           ‫‪1990‬م‪.‬‬
  ‫دامت زخارف لغوية أو ألعاب‬         ‫درس شحرور علوم الهندسة‬
    ‫لغوية يتقن مهارتها الشكلية‬   ‫والرياضيات في موسكو‪ .‬وهناك‬
 ‫المعلم الذي يسعى بكل ما يملك‬    ‫اكتشف جهله باللغة العربية حين‬
                                 ‫تعلم اللغة الروسية وأتقنها خلال‬
           ‫إلى تلقينها للطلاب‪.‬‬   ‫عام‪ .‬ومع أنه عربي خالص‪ ،‬ومن‬
‫هنا بحث شحرور عن فهم مغاير‬        ‫بلد هو موئل العربية والعروبة‪،‬‬
 ‫للغة وعن وظيفتها وعن قدرتها‬     ‫لم يمتلك العربية كما امتلك اللغة‬
‫على التغيير من نظراتنا وأفهامنا‬
                                                    ‫الروسية‪.‬‬
     ‫الموروثة عن العالم‪ .‬فقاده‬    ‫كانت هذه هي المفارقة الأولى‪.‬‬
 ‫مسعاه بعد أن عاد من موسكو‬
                                    ‫أما سبيل مواجهتها‪ ،‬فلم يكن‬
     ‫إلى رفيقه في الدراسة في‬         ‫عند شحرور إلا رفض اتباع‬
  ‫موسكو جعفر دك الباب الذي‬          ‫ما هو سائد من طرق التعلم‪،‬‬
   ‫كان مهمو ًما بالدرس اللغوي‬    ‫ومصادر المعرفة‪ .‬فاللغة العربية‬
                                   ‫التي يتلقاها الطلاب العرب في‬
    ‫المعاصر ونظرياته الجديدة‬         ‫بلدانهم لغة موزعة ومشتتة‬
 ‫ومدى قدرتها على قراءة متون‬          ‫تفتقد إلى نظام جامع يجعل‬
‫ابن جني وعبد القاهر الجرجاني‬         ‫النص المقروء أو المدروس‪،‬‬
 ‫وموقعها في اللسانيات العامة‪.‬‬    ‫مثا ًل لتضافر كل مستويات اللغة‬
                                 ‫على تكوينه‪ ،‬وقدرته على تحقيق‬
     ‫وقد انتهي به هذا المسعى‬         ‫وظيفته أو وظائفه في ضوء‬
    ‫إلى أسس بنى عليها قراءته‬       ‫سياق معين‪ ،‬وأدوات التوصيل‬
‫المعاصرة للكتاب والقرآن‪ ،‬أو إن‬
‫شئنا قلنا مطمئنين بني عليها كل‬
 ‫قراءاته المعاصرة التي تبلورت‬
   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167