Page 157 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 157

‫حول العالم ‪1 5 5‬‬

 ‫ج ًّدا حمراء اللون كجهنم‪ .‬نحدق‬       ‫للوهلة الأولى لا يوجد هناك‬           ‫هذه هي الأخبار من جانبي‪.‬‬
‫سو ًّيا في الصورة دون أن ننبس‬                                           ‫وأتمنى أن تكون الأحوال جيدة‬
                                        ‫أي شيء يميز المكان الذي‬        ‫لديكم‪ .‬وكيف حال صغيري‪ ،‬هل‬
                      ‫بكلمة‪.‬‬                                           ‫ظهرت أسنانه اللبنية؟ وما أخبار‬
‫لا شيء يخيف آيزن‪ ،‬لا عصابات‬                 ‫نسكن فيه‪ .‬فهو مجرد‬           ‫ابني الكبير؟ ارسلوا لي صو ًرا‬

     ‫الشوارع ولا الاضطرابات‬             ‫شارع ملت ٍو وضيق وقذر من‬            ‫ورسائل وارسلوا لي بذات‬
        ‫السياسية ولا الأزمات‬                                                        ‫الطريقة الشمس‪.‬‬
                                          ‫شوارع إسطنبول‪ .‬ولكنه‬                              ‫والدكم‬
  ‫الاقتصادية ولا الشوفونية ولا‬                                                        ‫زكريا مادرنلي‬
‫التطرف الديني ولا حتى الصراع‬             ‫الوحيد الذي ينحدر بشدة‬
                                                                            ‫وطن على ظهر مركب‬
  ‫النووي‪ ،‬قدر خوفها من عقرب‬           ‫إلى الأسفل وكأنه ينزلق من‬           ‫لا يعرف الشارع الذي أعيش‬
‫البحر‪ .‬كنت على وشك أن أهزها‬                                            ‫فيه في إسطنبول حتى الآن بأنه‬
 ‫كي تعود إلى صوابها وأخبرها‬                                 ‫فوق تلة‬       ‫في الحقيقة ليس بشارع آخر‬
  ‫بأن عليها أن تخاف من الخطر‬                                             ‫من الشوارع الملتوية في هذه‬
                                    ‫واثق من الأرض التي تقف عليها‬        ‫المدينة وإنما نوع من المراكب‪.‬‬
   ‫الحقيقي‪ .‬لكني سألت نفسي‬           ‫أقدامك‪ .‬ففي كل يوم نذهب فيه‬          ‫ونحن سكان الشارع نعتبره‬
    ‫حينها عما يجعلني أعتقد أن‬         ‫إلى النوم ينتابنا خوف من أن‬          ‫س ًّرا‪ ،‬ولا نبوح به لأحد‪ ،‬ولا‬
 ‫الخوف المتخيل أقل ضر ًرا من‬         ‫نستيقظ في صباح اليوم التالي‬          ‫حتى لأولادنا‪ .‬لا نتحدث عنه‪.‬‬
 ‫الخوف الحقيقي؟ وما الفرق في‬                                              ‫ولم يخبرنا أحد عنه قط‪ .‬لقد‬
   ‫أثر كل ما نخاف منه إن كان‬             ‫ونجد أنفسنا وقد انفصلنا‬       ‫عرفناه من تلقاء أنفسنا‪ ،‬مثل من‬
    ‫حقيقيًّا أو متخي ًل عندما يبدأ‬  ‫وأبحرنا بعي ًدا عن البر‪ .‬وماذا لو‬     ‫سبقنا ومن سيلحقنا يو ًما ما‪.‬‬
                                                                        ‫ففي الليل‪ ،‬حتى ونحن غارقون‬
           ‫وينتهي في عقولنا؟‬          ‫رسينا على شاطىء بلد غريب‬            ‫في النوم‪ ،‬نستمع إلى صوت‬
     ‫تقول المقالة «عندما ترصد‬         ‫ولم نتمكن من العودة منه‪ ،‬أو‬
   ‫أسماك عقرب البحر فريستها‬                                                 ‫طرطشة الماء الصادرة عن‬
     ‫فإنها تخلق في البداية هوة‬                ‫ربما لا نرغب بذلك؟‬          ‫المركب وهو يطفو على شبح‬
      ‫بأفواهها على شكل دوائر‬          ‫“هل تعلمين أن هناك نو ًعا من‬        ‫ماء البحر ذي الرائحة النتنة‪،‬‬
‫مركزية تلف بمص الهواء للداخل‬                                             ‫استعدا ًدا للإبحار في أي وقت‬
 ‫والخارج وتتمكن بأقل من ثانية‬           ‫السمك القاتل مثل العقرب؟‬
‫من ابتلاع الفريسة السيئة الحظ‬            ‫تسألني آيزن‪ ،‬جارتي التي‬                      ‫وإلى أي مكان‪.‬‬
    ‫التي اندفعت داخلها»‪ .‬تعيش‬            ‫تسكن في المنزل المجاور‬             ‫وعندما تخيم علينا الظلمة‪،‬‬
  ‫سمكة عقرب البحر في أعماق‬           ‫لي‪ ،‬في صوت متوتر وغاضب‬             ‫نستطيع أن نسمع السمك تحت‬
‫البحر الأحمر وهاواي وأستراليا‪.‬‬        ‫وهي تقف على باب منزلي في‬              ‫أقدامنا وهو يقضم الحبال‬
  ‫ولا ذكر لوجودها في البسفور‬         ‫وقت مبكر ذات صباح‪ .‬وبيدها‬            ‫المتعددة التي تربط المراسي‬
  ‫أو إسطنبول‪ .‬أعيد المجلة لها‪.‬‬          ‫آخر عدد من مجلة (المحيط‬        ‫بالبر‪ ،‬فعليه نشعر بوطن ملموس‬
                                      ‫العميق)‪ .‬وتتابع قائلة «وتدعى‬        ‫لا مجرد حنين إلى وطن بعيد‬
       ‫“ صحيح ولكن بإمكانها‬          ‫سمكة عقرب البحر‪ .‬انظري إلى‬            ‫المنال‪ .‬إن العيش في مركب‬
 ‫السباحة كل تلك المسافة‪ ،‬أليس‬                                              ‫معناه أنك ستبقى دو ًما غير‬
                                                      ‫صورتها»!‬
     ‫كذلك؟ فلا يوجد في أعماق‬        ‫تمد آيزن يدها لي بصورة كبيرة‬
     ‫البحار حدود دولية‪ ،‬أليس‬
                                       ‫ملونة مذهلة لسمكة صغيرة‬
                    ‫كذلك؟”‪.‬‬
 ‫تخاف آيزن من أن تقرر عقارب‬
   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162