Page 154 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 154
العـدد 21 152
سبتمبر ٢٠٢٠ إظهار عواطفه ،فقد كان ذلك هو
أقصى ما يستطيع والدي فعله
«تقهقه» -ثلاث خصال خاصة سافر والدي في صيف 1978 كي يقول له إنه يتعاطف معه.
بالنساء .ولكن الأكثر أهمية من ثم أكمل الرجل قائ ًل« :والمشكلة
تلك القواعد كانت القاعدة الذهبية إلى أمستردام وفي جيبه
لكل العصور ،وهي «ألا تتشبه الوحيدة هي شعري ،كما
بالنساء» .فعلى الآباء أن يكونوا أربعة وخمسون دولاًرا، ترى؟ يقولون إن أي شخص
في النرويج شعره أشقر مثل
حريصين بشكل خاص على وفي قاموسه اللغوي كلمة شواشي الذرة .رجال ونساء
الظهور بمظهر الأب .ولم يكن
لأخي أي فكرة محددة عن معنى هولندية واحدة ،وفي وحتى الأطفال المولودون
ذلك .ولكنه كان متأك ًدا أن صبغ حديثًا ..جميعهم شعرهم أفتح
والدي لشعره باللون الأشقر حقيبة سفره كيس مليء من صفار البيض .ولا يثقون
بك إذا لم تكن أشقر مثلهم .وإذا
كان منافيًا لذلك. بمعلبات شوربة الكشك لم يثقوا بي فكيف سأتمكن من
وعندما دخل والدي إلى الحمام
المركزة ،وفي قلبه طموح البقاء في عملي؟».
وهو مخفض الرأس وحول شعر والدي بالشفقة على
رقبته مريول بلاستيكي رمادي لأن يصبح شخ ًصا مه ًّما الرجل .ولم يكن لديه أي نوع
من الصبغات ولكنه تمكن من
مائل للزرقة وبيده فرشاة ومحتر ًما .استأجر منزًل في الحصول على صبغة شعر
صغيرة ،انكسر قلب أخي .ورمق شقراء من صالون تجميل
منطقة مكتظة بالأتراك نسائي قريب لدكان حلاقته.
والدي بنظرة حادة ومضى. وصبغ شعر وشارب الزبون،
ومنذ ذلك اليوم فصاع ًدا كان والجزائريين وبمجرد أن غادر الرجل دكان
أحمد كلما تحدث مع والدي الحلاقة بشعره الأشقر وهو
تجنب النظر في عينيه .ويحدق راحة. مسرور نسي والدي الحادثة.
في نقطة ما جانبية في العمق وكطفل مأخوذ بقوائم الألوان ولكن بعد مضي سنة عندما
وهو يتحدث إليه .وفاق غضبه أغلق دكان الحلاقة نتيجة
من والدته خيبته في والده .لأن وبأي شيء متعدد الألوان لصعوبات مالية ،ووجد والدي
إلحاحها على أن تصبح غنية مثل ومشرق ،لم يكن لدي بالطبع أي نفسه مفل ًسا ،ودخلت البلاد في
الآخرين حفز لدى والده طمو ًحا مانع في أن يصبغ والدي شعره. صدامات أيديولوجية أدت إلى
لم يكن مهيأ له .ولذلك اعتبر ولكن القصة بالنسبة لأخي كانت قتل الناس بعضهم بع ًضا في
أحمد أن والدته ليست متواطئة مختلفة لأخي أحمد الذي يكبرني الشوارع يوميًّا ،وباتت الحياة
فقط وإنما المذنبة الرئيسية. بسبع سنوات وكانت لديه فكرة لا تطاق وغير عادلة ،وفوق ذلك
ولكن أمي لم تكترث لأخي. معينة عن ما ينبغي أو لا ينبغي لم يعد المستقبل يعد بأي خير،
كانت مسرورة وعلى الأغلب تذكر والدي زبونه الأشقر.
فرحة وهي تصبغ شعر والدي أن يكون عليه الأب التركي وفجأة انتابته هو أي ًضا ذات
الأسود من جذوره حتى أطرافه المثالي .كانت هناك قواعد غير المشاعر -لو كان فقط أشقر
بالفرشاة .ثم صبغت شاربه ربما كانت الحياة أسهل وأكثر
مكتوبة ولكن متعارف عليها
الكثيف ،والطويل وحاجبيه جي ًدا حول السلوك الذي يجب
الأشعثين .وبعد مضي ثلاثين على الآباء أن يتحلوا به .وقائمة
دقيقة عندما جفت الصبغة تما ًما للقواعد السلبية الممنوعة .وعلى
وانتشرت رائحة زنخة في كل رأسها «لا تبك» ولا «ت ُنم» ولا