Page 166 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 166
العـدد 21 164
سبتمبر ٢٠٢٠ ولذلك كان نقض شحرور لهذه
الأدبيات أو المعرفة المنقولة
ويتحدد منها الثابت الذي يمثل «القرآن» ،وأسس على هذا
الوجه الإنساني ،والمتحول أو التمييز الجوهري اختلافه عن نق ًضا للتاريخ العربي الإسلامي
مقولات المفسرين والمحدثين الذي كان سج ًّل واعيًا لمصادر
المتغير حسب طبيعة الجدل والفقهاء والأئمة التي رأت أن
الاجتماعي والمادي .في كل الكتاب هو القرآن .واستعان هذه المعرفة التي دارت حول
باللغة أي ًضا في تأسيس دلالة «الكتاب» المن َّزل ،ونق ًضا
مجتمع.
وإذا كان شحرور قد انتفع باللغة تبناها هو دون غيره لكلمة لأدواتها اللغوية والفكرية .وهذا
«الترتيل» في قوله تعالى «ورتل ما دعا شحرور إلى وصف
كل هذا الانتفاع ،فلاشك أنه قد كتابه «الكتاب والقرآن» بأنه
اختار مصادره اللغوية اختيا ًرا القرآن ترتيلا» ،وقد قاده هذا
نقد ًّيا يتفق مع توجهه العقلي المسلك التأويلي اللغوي إلى قراءة معاصرة ذات أصول في
والتأويلي .ومن أهم مصادره تصنيفين كبيرين هما تصنيف تاريخ العلم الإنساني وذات
ما انتهت إليه مدرسة أبي على موضوعات «الكتاب» وتصنيف
الفارسي -أحد أشهر اللغويين موضوعات «القرآن» ،وهذان نتائج مباينة كل المباينة لنتائج
في القرن الرابع الهجري -على التصنيفان الكبيران أقام عليهما القراءات السابقة على قراءته منذ
تفريقه المنطقي بين النبوة
أيدي تلميذيه الكبيرين وهما والرسالة .واستغل هذا التمييز عصر النبوة حتى الآن.
ابن جني صاحب «الخصائص» بين التصنيفين ليؤسس عليه وبما أن اللغة هي وعاء المعرفة،
وعبد القاهر الجرجاني الإمام نظرية المعرفة المتضمنة محاور
اللغوي المعروف بكتابيه «دلائل ووعاء الفكر ،وبما أنها في
الإعجاز» و»أسرار البلاغة» في أساسية هي «الله .الكون. الأساس ظاهرة تاريخية خاضعة
الإنسان» ،على هيئة قوانين للتطور ،وأنها ذات وجه تزامني
القرن الخامس الهجري .وقد راسخة ومستقرة تحكم -كما
تبلورت ملامح هذه المدرسة يقول« -جدل الطبيعة» و»جدل يمثل صورة مستخدميها في
اللغوية عند هذين الإمامين :ابن الإنسان» ،ومن هذا الجدل تتكون كل مرحلة تاريخية ،فقد اعتمد
جني والجرجاني في مباديء منظومة القيم في كل مجتمع شحرور على اللغة لتحقيق غاية
محددة كما يقول جعفر دك الباب المعاصرة التي يبتغيها والتي
لن تتحقق إلا بتبني فهم مغاير
هي: لطبيعة اللغة ولطبيعة وظيفتها
الإبلاغية والتأثيرية م ًعا .لذلك
كانت اللغة في
يديه معول
الهدم ،ومعول
البناء في
الوقت نفسه.
فقد حققت
له اللغة عبر
التأويل مداخل
نظرية حين
فرق بين دلالة
«الكتاب» ودلالة