Page 170 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 170

‫العـدد ‪21‬‬                                  ‫‪168‬‬

                                    ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬                           ‫حركة العلم والتاريخ‪ .‬ومن ثم‬
                                                                         ‫تصبح المعاصرة عند شحرور‬
‫يقول شحرور موض ًحا عنصري‬            ‫ولماذا أخرج الآمدي ومن شايعه‬         ‫استجابة لضرورة الوقت أي ًضا‬
    ‫الأصالة «إذا قلنا إن اللسان‬        ‫أبا تمام من جنة الشعراء إلى‬       ‫كما أن التراث كان كذلك‪ .‬وهذا‬
                                     ‫جحيم الفلسفة‪ ،‬ولماذا اض ُّط ِه َد‬
‫العربي لسان أصيل‪ ،‬فهذا يعني‬          ‫الفكر الاعتزالي بعد زوال دولة‬          ‫يعني أن التراث والمعاصرة‬
  ‫أنه لسان له جذور غارقة في‬                            ‫المأمون؟‬           ‫لا يتناقضان من حيث المكون‬
 ‫القدم‪ .‬وهذا هو العنصر الأول‪.‬‬                                              ‫الرئيس لكل منهما وهو العلم‬
                                    ‫فالمعاصرة كانت صفة جوهرية‬             ‫والفكر والفن والدين‪ ،‬ولكنهما‬
‫وأنه مازال حيًّا مثم ًرا إلى يومنا‬     ‫لمرحلة زمنية قدمت منجزات‬            ‫يختلفان في الأسئلة المنشئة‬
 ‫هذا‪ ،‬وهذا هو العنصر الثاني»‪.‬‬          ‫كبرى ذات أصالة‪ ،‬وصفناها‬           ‫للإجابات‪ ،‬أو قد تكون الأسئلة‬
                                          ‫بالتراثية حين انتقلت إلينا‬    ‫واحدة والإجابات مختلفة‪ ،‬أو قد‬
   ‫إذن فالأصالة لا تعني القدم‬         ‫وتداولناها في زمننا الحاضر‪.‬‬         ‫تكون الأسئلة متباعدة في كل‬
‫فقط ولكنها تعني الدوام والبقاء‬                                             ‫منهما‪ .‬وفي هذا السياق –كما‬
‫والامتداد عبر الزمن‪ .‬ثم يضرب‬         ‫معنى هذا أن كل منتج مشروط‬             ‫يقول شحرور– يكون التراث‬
                                         ‫بظروف انتاجه وملابساته‬          ‫والمعاصرة مفهومين متداخلين‬
   ‫المثل لتأكيد هذا المفهوم من‬
    ‫التشبيه التمثيلي الوارد في‬         ‫فهو معاصر من جهة وأصيل‬                 ‫تفصل بينهما لحظة الآن‬
    ‫الآيتين المذكورتين‪ .‬يقول‪:‬‬          ‫من جهة أخرى‪ .‬وهذا ما دعا‬          ‫المتحركة باستمرار‪ .‬ولا تكتمل‬
 ‫«فجذر الشجرة وأغصانها هما‬          ‫شحرور إلى التمثيل حين تحدث‬
  ‫العنصران المتتامان‪ :‬الجذور‬          ‫عن مفهوم الأصالة‪ .‬فاستدعى‬            ‫هذه الثنائية إلا بفقه الأصالة‬
 ‫تضرب في الأرض والأغصان‬              ‫قول الله عز وجل «ألم تر كيف‬        ‫الذي يعد المفهوم النظري الثالث‬
  ‫تعطي الثمار»‪ ،‬ثم يكتفي بهذا‬
 ‫الجزء من الدلالة‪ ،‬ولا يستدعي‬            ‫ضرب الله مثلا كلمة طيبة‬             ‫المتمم لقراءته المعاصرة‪.‬‬
    ‫التشبيه المقابل وهو الكلمة‬           ‫كشجرة طيبة أصلها ثابت‬                ‫وأعتقد أن الأصالة صفة‬
   ‫الخبيثة ليوضح لنا أن الفعل‬         ‫وفرعها في السماء تؤتي أكلها‬        ‫لصيقة بالتراث كما هي لصيقة‬
‫الإنساني له وجهان‪ :‬وجه يبقى‬           ‫كل حين بإذن ربها» (إبراهيم‬         ‫بالمعاصرة أي ًضا‪ .‬فالتراث كان‬
‫ووجه يزول‪ ،‬وهذا المعيار الذي‬        ‫‪ )25-24‬والتمثيل ‪-‬وهو ضرب‬            ‫في زمن إنتاجه وتداوله معاص ًرا‬
   ‫يحكم الفعل الإنساني يحكم‬          ‫المثل‪ -‬هنا للتوضيح والشرح‪،‬‬           ‫وأصي ًل بالقياس إلى ما قبله‪،‬‬

                                                                                       ‫وكان في عداد‬
                                                                                           ‫المنجزات‬

                                                                                        ‫الكبرى‪ ،‬وإلا‬
                                                                                        ‫لماذا حورب‬
                                                                                      ‫أبو حنيفة وابن‬
                                                                                      ‫حنبل والطبري‬
                                                                                      ‫وغيرهم‪ ،‬ولماذا‬

                                                                                          ‫قتل بشار‬
                                                                                     ‫واتهم أبو نواس‬
                                                                                       ‫اتهامات تودي‬
                                                                                      ‫به إلى التهلكة‪،‬‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175