Page 193 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 193

‫‪191‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫الكتاب المنزل معتم ًدا على‬                                        ‫ابن رشد‬
‫خلفيته العلمية والرياضية‪ ،‬وعلى‬
 ‫الجانب الدلالي من اللغة‪ ،‬مع أن‬      ‫الكتاب أو من النصوص المحكمة‬                    ‫محكمة‪ .‬وفع ًل هناك سورة‬
‫باب المجاز من أهم أبواب الدلالة‬      ‫المتداخلة مع غيرها في نصوص‬                 ‫واحدة فقط في الكتاب ليس فيها‬

    ‫وأوسعها في اللغة والبلاغة‪،‬‬              ‫القرآن‪ ،‬فإنه نص محكم‪.‬‬                  ‫قرآن هي سورة التوبة‪ .‬وقد‬
  ‫وهو مدار الاختلاف وجوهره‬                ‫وإذا كان موضوعه هو من‬                  ‫نبهنا الله لهذا في سورة محمد‬
 ‫بين الفرق والمذاهب التي أدلت‬          ‫موضوعات الرسالة‪ ،‬فإنه نص‬
‫دلوها في تأويل القرآن‪ ،‬واعتبار‬          ‫محكم‪ .‬أما إذا كان النص يقع‬                 ‫في قوله (ويقول الذين آمنوا‬
‫لغته طرا ًزا فري ًدا لا مثيل له بين‬  ‫بين نصوص القرآن ولا يتضمن‬                     ‫لولا نزلت سورة فإذا أنزلت‬
                                           ‫موضو ًعا من موضوعات‬                  ‫سورة محكمة وذكر فيها القتال‬
                 ‫لغات البشر‪.‬‬             ‫الرسالة‪ ،‬فإنه نص متشابه‪.‬‬                 ‫رأيت الذين في قلوبهم مرض‬
   ‫وإذا كان شحرور قد قرر أن‬             ‫وبناء على ذلك فإن شحرور‬                 ‫ينظرون إليك نظر المغشي عليه‬
‫للتأويل مستويات ترتبط بطبيعة‬               ‫حين دخل معترك التأويل‬                 ‫من الموت فأولى لهم) (محمد‪:‬‬
    ‫النصوص وتصنيفها‪ ،‬فقرر‬            ‫بإرادته‪ ،‬لم يدخله من أهم أبوابه‪،‬‬              ‫‪ .»)20‬فأساس التمييز لدى‬
   ‫أن منها ما هو محكم وما هو‬           ‫أو فلنقل من بابه الوحيد وهو‬              ‫شحرور بين المحكم والمتشابه‬
    ‫متشابه‪ ،‬وما هو غير محكم‬             ‫المجاز‪ ،‬واكتفى بما قدمه من‬                  ‫هو موقع النص من ناحية‪،‬‬
                                        ‫التمييز والتصنيف لنصوص‬                      ‫وموضوع النص من ناحية‬
     ‫ولا متشابه‪ ،‬فإنه لم يفارق‬                                                    ‫أخرى‪ .‬فإذا كان النص من أم‬
    ‫أسلافه في هذا المجال‪ .‬فقد‬
  ‫ميز ابن رشد بين ثلاثة أنواع‬
 ‫من المعارف ناتجة عن التأويل‬
   ‫في سياق حديثه عن البرهان‬
    ‫والشريعة‪ ،‬وأنهما يستمدان‬
   ‫من مشكاة واحدة هي مشكاة‬
    ‫الحقيقة‪ .‬هذه المعارف هي‪:‬‬
    ‫المعرفة الخطابية‪ ،‬والمعرفة‬
   ‫الجدلية‪ ،‬والمعرفة البرهانية‪.‬‬
‫ولكل معرفة خطابها‪ ،‬وتمثل هذه‬
   ‫الخطابات مستويات التأويل‪،‬‬
   ‫بحيث يكون كل خطاب قرين‬
 ‫المعرفة التي ينتجها‪ .‬المستوى‬
‫الأول هو مستوى الخطاب الذي‬
    ‫يفهم على ظاهره بلا تأويل‪.‬‬
 ‫والمستوى الثاني هو المستوى‬
    ‫المختلف فيه بين من يرون‬
‫ضرورة تأويله‪ ،‬وبين من يرون‬
  ‫عدم تأويله‪ .‬والمستوى الثالث‬
 ‫هو المستوى الذي يتفق الجميع‬
   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197   198