Page 195 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 195
193 الملف الثقـافي
إلى العالم العلوي ،ثم العودة بالكلمات». مثل ابن عربي ،والفلاسفة
إلى النص ،ومن ثم تكون اللغة فأساس الوجود هو كلمات مثل ابن رشد .يقول ابن عربي
حجا ًبا للمعرفة وليست وسي ًطا الله .وهذا الوجود وجود مركب
شفا ًفا ،وعلى الصوفي اختراق يتكون من شكل وجوهر ،أو من إن كلمة الله «كن» هي الأمر
هذا الحجاب عبر تأويل رموزه. روح ومادة أو روح وصورة. الإلهي الذي صدرت عنه أعيان
فدائرة التأويل عند ابن عربي وهذه الممكنات أو الموجودات
مثل القرآن أساس وجودها هو الممكنات التي هي تجسيد
هي :العالم العلوي .النص. النفس الإلهي الذي ظهرت به لكلمات الله« :اعلم أن الممكنات
الوجود .وهذا المسار التأويلي أعيان الموجودات ،كما ظهرت هي كلمات الله التي لا تنفد ،وبها
مختلف أي ًضا عن مسار التأويل فيه حروف اللغة التي تتشكل
عند أهل المعرفة البرهانية مثل يظهر سلطانها الذي لا يبعد.
فيها الكلمات الإلهية. وهي مركبات لأنها أتت للإفادة،
ابن رشد في كتابه «تهافت فالتأويل عند ابن عربي ليس
التهافت» الذي فند فيه مزاعم أساسه اللغة لأنها مجرد رمز فصدرت عن تركيب يعبر عنه
الغزالي عن الفلاسفة ،بما يمثله لمرموز إليه لا يمكن الوصول باللسان العربي بلفظة (كن) ،فلا
إليه إلا عبر رحلة معراج الروح
الغزالي من وجهي المعرفة يتكون عنها إلا مركب من روح
الخطابية والجدلية .فابن رشد وصورة .والمادة التي ظهرت
فيها كلمات الله التي هي العالم
يرى أن الفرق بين الشريعة هي نفس الرحمن .ولهذا عبر عنه
والفلسفة هو في طبيعة اللغة.
فلغة الفلسفة لغة برهانية
رياضية يقينية تختلف عن لغة
المتصوفة التي تتضمن صدقها
في ذاتها وليس في برهانها .أما
لغة الشريعة فذات أبعاد خطابية
وجدلية وبرهانية لاختلاف
قصدها عن قصد الفلسفة .فلغة
الفلسفة لغة محدودة بحدود
أهلها ولا تتجاوزهم إلى عامة
الناس ،ولا يتحملها أهل الجدل
من الفقهاء .أما الشرع فللناس
جمي ًعا ،لذلك تضمن لغته
المعرفية الخطابية ،والمعرفة
الجدلية ،والمعرفة البرهانية،
والسبب كما يقول ابن رشد:
«أن طباع الناس متفاضلة في
التصديق .فمنهم من يصدق
بالبرهان ،ومنهم من يصدق
بالأقاويل الجدلية تصديق
صاحب البرهان بالبرهان ،إذ