Page 200 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 200

‫العـدد ‪21‬‬                            ‫‪198‬‬

                                       ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

 ‫لا أنكر أني أي ًضا كنت معجبة بمكان‬     ‫كيف تنظمها بطريقة لا تفصلها عن‬      ‫رؤية خاصة جدا للشعر كانت‬
     ‫آخر في بيت جدتي فريدة‪ ،‬وهي‬         ‫الشجرة‪ .‬لا أنكر انشغالي بصندوق‬      ‫دافعا لتأسيس عدة مشروعات‬
    ‫حجرة صغيرة بها كنب لاستقبال‬
                                           ‫خشبي جميل منقوش تمنيت أن‬            ‫تلتحم بالناس أينما كانوا‪..‬‬
  ‫الضيوف‪ ،‬وكان بها طاقة ضوء في‬           ‫أقتنيه‪ ،‬لكن سبقتني إليه ابنة عمتي‬     ‫بداية من “ذات للشاعرات”‬
 ‫سقفها‪ ،‬بحجم المربع الصغير‪ ،‬تدخل‬        ‫وللأسف أصبح وقو ًدا للخبيز‪ ،‬ربما‬      ‫وانتهاء بحملة “ادعم شعر”‬
‫أشعة الشمس منها في الصباح‪ ،‬وكنت‬                                               ‫وإيمان لا يهتز بقدرة الشعر‬
  ‫أشعر حين أنظر إليها أنني أنظر من‬             ‫لو صار معي لأصبح ترا ًثا!‬
 ‫ثقب الكون‪ .‬تلك أشياء ألهمتني كثي ًرا‬       ‫بالحديث عن الأسقف والأماكن‬                 ‫على تغيير الحياة‪.‬‬
‫في شعري وفي المشهد الذي قدر الله‬       ‫المفتوحة أتذكر أي ًضا حجرة العجين‬       ‫ثاني الحجرات “حجرة بلاسقف”‪،‬‬
                                           ‫في بيت جدتي “تفيدة”‪ ،‬وأتذكر‬
              ‫أن أعيشه في الحياة‪.‬‬          ‫القربة المربوطة في حلق الغرفة‬          ‫أتذكر في تلك المرحلة المبكرة‬
   ‫تلك الحجرات التي كانت بلاسقف‪،‬‬          ‫لعمل السمن‪ ،‬و كانت عمتي تقوم‬        ‫الفاصلة من حياتي بيت جدتي لأبي‬
                                         ‫بذلك وبالخبيز أي ًضا‪ ،‬وكنت أجلس‬
     ‫ساعدتني على المراقبة والتأمل‪،‬‬        ‫“وسط الدار”؛ وهي المنطقة غير‬         ‫“فريدة”‪ ،‬كان بيتها أمامه مساحة‬
 ‫ساعدتني أي ًضا أن أدخل عالم الشعر‬         ‫المسقفة التي تربط كل حجرات‬         ‫كبيرة من الأرض وله بوابة خشبية‬
  ‫من حيث صنع المشاريع؛ فاهتممت‬             ‫البيت‪ ،‬وكنت أشاهد منها السماء‬     ‫ضخمة خالية من النقوش‪ ،‬لن أنسى‬
                                         ‫كاملة‪ .‬كانت تلك منطقتي المفضلة‬     ‫الحبل المبروم السميك الشائك المعلق‬
    ‫بعمل مشروع “ذات للشاعرات”؛‬           ‫فهي المنطقة المركزية بالبيت‪ ،‬وأنا‬  ‫دائ ًما بجوار هذه البوابة‪ .‬ليست حجرة‬
 ‫بدأته عام ‪ .2013‬وهو ذلك المشروع‬       ‫أحب تلك البوابات فهي بوابات للروح‬      ‫جدتي “فريدة” هي ما شغلتني فقط‬
  ‫الذي اهتم بتقديم الشعر مع الفنون‬                                          ‫وإنما التفاصيل الكثيرة المرتبة بشكل‬
                                                            ‫وللتفاصيل‪.‬‬       ‫ما على الأرض‪ ،‬في حجرة بلاسقف‪،‬‬
   ‫الأخرى‪ ،‬بمشاركة أربع شاعرات‪،‬‬           ‫بوابات للرائحة تختلط فيها رائحة‬    ‫تقع في عمق البيت‪ ،‬تظلل جانبًا كبي ًرا‬
‫وقدمنا عدة تجارب في هذا المشروع‪،‬‬        ‫الخبز برائحة الطيور برائحة الزرع‪.‬‬     ‫منها شجرة ضخمة‪ ،‬فتبدو الحجرة‬
                                         ‫كنت ألقي بناظري نحو ذلك الفراغ‬
      ‫ثم قدمت تجربة “ادعم شعر”‪،‬‬                                                          ‫وكأنها لوحة سريالية‪.‬‬
  ‫الحملة التي قمت بها في عام ‪2017‬‬                         ‫وتلك الحرية‪.‬‬      ‫كانت جدتي “فريدة” محبة للتفاصيل‪،‬‬

    ‫للشعر مع الفنون الأخرى‪ .‬كانت‬                                                ‫تملك كثي ًرا من العلب المعدنية بلا‬
 ‫تلك المشاريع نابعة من حبي للشعر‬                                               ‫أغطية‪ ،‬معظمها تميل للسواد تضع‬

                                                                                               ‫فيها إبر الجاز‪،‬‬
                                                                                               ‫النقود المعدنية‬

                                                                                                   ‫والورقية‪،‬‬
                                                                                                ‫أعواد الكبريت‬
                                                                                                ‫وغيرها‪ .‬كانت‬
                                                                                                 ‫جدتي ترص‬

                                                                                                  ‫العلب وإلى‬
                                                                                                ‫جانبها الكثير‬

                                                                                                   ‫من أواني‬
                                                                                              ‫الطهي والأواني‬

                                                                                                    ‫الفخارية‬
                                                                                                  ‫والزجاجية‪،‬‬
                                                                                                  ‫كنت ألاحظ‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205