Page 188 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 188
العـدد 21 186
سبتمبر ٢٠٢٠ الأخلاق بنظريتين هما الجمال
والاقتصاد ،وجعل التشريع
وتخلي الدولة عن الجمال ،معناه بزمان وبمكان معينين ،لذا لم
التخلي عن الفطرة وعن الفنون تكن بقادرة على مواكبة التغير مرتب ًطا بتلبية حاجات الإنسان،
والتطور ،ولم تكن التوراة أو وأقام كل هذا البناء على أساس
والأنشطة الرياضية أي ًضا. الإنجيل مثل القرآن برها ًنا على
فالارتباط إذن بين الدولة والدين النبوة ،ولا تمثي ًل للوجود الحق، نظرية التغير والتطور ،مما
وحينما رفع نداء المطالبة بفصل يجعل كل مسعاه ونتائجه قابلة
كما فهمه شحرور وصاغه الدين المسيحي عن الدولة ،كانت للنقض والبناء الجديد .وهو بذلك
ارتباط عضوي ووجودي. الاستجابة منطقية ومنسجمة اختلف عن سابقيه لأنه جعل هذا
والدولة التي تنهض على هذه الكتاب المقدس موضو ًعا للبحث
الأعمدة هي دولة معاصرة. مع فطرة الإنسان .أما الدين والتمييز والتصنيف على أسس
فهذه الأربعة كما يرى شحرور الإسلامي «فهو دين حنيفي
هي أعمدة أساس لقيام الدولة، منسجم مع الفطرة الإنسانية من التأويل ،واستثمر نتائجه
وهذا ما دعاه إلى اقتراح بنود ويعتمد على التشريع الإنساني في تأسيس النهضة التي تقوم
دستورية للدولة المسلمة ضمن حدود الله ،وعلى البينات زمنيًّا على التواصل مع التاريخ
المعاصرة تتجنب خطأين هما:
-خطأ المناداة بأن دستور المادية». من جهة ،والحاضر من جهة
الدولة هو القرآن ،لأن القرآن وبما أن العلم هو أساس عمارة أخرى ،ومعرفيًّا على التفاعل مع
لا يحتوي على أي تشريع. الأرض وقوة الدولة ،فإن فصل كل المنجزات الحضارية القديمة
الدين الإسلامي عن الدولة ،يعني
فالتشريع في الرسالة. والمعاصرة .ولا تقوم هذه
-خطأ المناداة بتطبيق أحكام معاداة الدولة للعلم ووصفها النهضة إلا على أساس مادي
بأنها غير «معنية بالبحث هو الدولة ،وأساس معرفي هو
الشريعة الإسلامية لأنها لا العلم ،وأساس عقائدي هو الدين.
تحتوي على أحكام ،بل على العلمي ،وتطوير مناهج التعليم بناء على ذلك طرح شحرور
حدود ،ولا يوجد حكم حدي في والجامعات ،وغير معنية بربط العلاقة بين الدين والدولة ،ورأى
الإسلام إلا في حالة الفاحشة منجزات العلم مع الحياة» ،وهذا أن عزل أي منهما عن الآخر هدم
غير صحيح .وينطبق القول ذاته لكل منهما ولديه برهانه الساطع
العلنية. على «التشريع» ،فالدولة حين
أما البنود المقترحة فهي: تنفصل عنه ،تكون غير (حنيفية) على ذلك.
-أن عقيدة الدولة فيما يتعلق في التشريع ،والتشريع فيها يقوم هذا البرهان على العلاقة
بالوجود أن الكون هو الوجود حدي غير متطور .والدولة إن العضوية بين الدين والدولة،
المادي الحقيقي المبني على تخلت عن الأخلاق «الوصايا
الثنائية بالتناقضات والأزواج العشر /الفرقان» ،فإنها حينئذ ويقصد هنا تحدي ًدا الدين
والأضداد ،وعلى التغير والتطور الإسلامي على نحو ما فهمه
«غير معنية بشهادة الزور، قرآ ًنا ورسالة .فالقرآن هو
في المجتمعات. وقتل النفس ،وإشاعة الفاحشة، كلمات الله التي تعني الوجود
-أن التشريع قائم على حدود ورعاية الأيتام ،وحنث اليمين، الحق ،والرسالة هي أم الكتاب
الله التي وردت في أم الكتاب. والوفاء بالمواصفات في البيع التي تضمنت الشريعة الباقية
لكونها ختام الشرائع .فالشريعة
وأن هذه التشريعات متغيرة والشراء والإنتاج» ،والجمال اليهودية أو المسيحية كانت
وليست ثابتة. مقوم رئيس من مقومات الدولة، شريعة مرحلية حد َّية ارتبطت
-أن الأخلاق مبنية على الفرقان وهو عمود من أعمدة الدين
وأن الدولة ملزمة بوضع منهاج