Page 42 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 42

‫العـدد ‪21‬‬                              ‫‪40‬‬

                                                                   ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

                           ‫د‪.‬فاطمه الحصي‬

‫مي زيادة وميلينا يسنسكا‪:‬‬
     ‫فراشات ملونة تحترق!‬

   ‫هؤلاء التعساء الأربعة؛ اشتركوا جمي ًعا في كينونتهم الأولى كأدباء‬
‫لامعين في عصرهم‪ ،‬مطلعين على ثقافات مختلفة‪ ،‬اشتركوا في مشاعر‬

       ‫الوحده والتأمل والاغتراب وأحلام اليقظة والانطواء على الذات‬
   ‫والمرض والبعد عن الأقارب‪ ،‬إما لأسباب اغترابية وإما باختيارهم‪،‬‬
‫متسعي الأفق‪ ،‬قراء مؤمنون بالحب والمشاعر الإنسانية الراقية‪ ،‬نذروا‬
‫أنفسهم للأدب والفن والفكر‪ٌ .‬ترى هل كانت تلك التعاسة التي لاحقتهم‬

                                          ‫بمثابة جناية الأدب عليهم؟‬

   ‫هو اللورد بايرون يطلب من حبيبته الصغيره تريزا‬         ‫لرسائل المفكرين إلى بعضهم البعض أهميه‬
‫جوتشيلي أن تتذكره‪“ :‬تذكريني إذا باعدت جبال الألب‬
                                                        ‫كبرى لأنها تعكس شخصيتهم المخفيه وراء فكرهم‬
                        ‫بيننا‪ ،‬وباعد بيننا المحيط”‪.‬‬   ‫وفلسفتهم‪ ،‬فما بالك برسائلهم إلى عشاقهم؛ ولا ريب‬
  ‫لا تملك سوى أن تحترم تلك القصص وهذه الكلمات‬
                                                         ‫أن لكل إنسان منا جوانب متعددة من شخصيته لا‬
    ‫الدافئه الجياشه لأنها حقيقية وعميقة؛ تغمر الروح‬  ‫يمكن للجميع الإطلاع عليها مجملة‪ ،‬فهي تختلف حسب‬
  ‫بمشاعر فياضه من الحب والدفء الإنساني‪ ،‬تجعلك‬         ‫الموقف وحسب طبيعة العلاقه وحسب متغيرات عده‪.‬‬
   ‫تقف أمامها بكل خشوع وتضرع تبتهل إلى الله ألا‬       ‫فحين نقرأ كلمات سارتر التي أرسلها يو ًما في رسالة‬
   ‫يحرم البشريه كلها من أصناف مشابهة لذاك الحب‬        ‫إلى سيمون ديبفوار قائ ًل فيها‪« :‬أربط بين حبك وبين‬

                          ‫وهذا العشق اللامتناهي‪.‬‬          ‫عناصر الوجود‪ .‬أحببتك في مدينة تولوز‪ ،‬وأحبك‬
     ‫والحق أن أكتر ما استحوذ على اهتمامي في تلك‬         ‫الليلة في مساء ربيعي‪ .‬أحبك والنافذة مفتوحة‪ .‬أن ِت‬
  ‫الحكايات التاريخية والرسائل ‪-‬التي يمكن تصنيفها‬     ‫لي‪ ،‬والكون لي‪ .‬أشعر أن قوة حبي ل ِك تغير من طبيعة‬
   ‫تحت بند الرسائل الغرامية‪ -‬كانت تلك الرسائل من‬         ‫الأشياء من حولي‪ ،‬وتلك الأشياء تغير من حبي ل ِك‬
                                                         ‫‪.‬أحبك بكل جوارجي وروحي”‪ .‬هى كلمات كاشفه‬
       ‫كافكا إلى ميلينا ومن جبران إلى مي والعكس‪.‬‬      ‫لجانب إنساني وعاطفي را ٍق لا نعرفه في حياة المفكر‬
                    ‫***‬                              ‫بصفه عامه؛ أما بلزاك فقد كتب الى حبيبته إيفا‪“ :‬الحب‬
                                                       ‫ينطلق من مسام جلدي كفراشات ملونة‪ ،‬لا هدف لي‬
  ‫مي زيادة (‪ )1941 -1886‬الكاتبة التي سبقت زمنها‬
    ‫والعصر الذي عاشت فيه‪ ،‬وكانت مبدعه بازغه في‬            ‫في الحياة سوى الحب‪ ،‬والاستسلام للحزن بعي ًدا‬
                                                     ‫عن ِك‪ .‬حبيبتي إيفا‪ ،‬حبك هو قدري”؛ وكتب فولتير أثناء‬
 ‫ذلك العصر بمجالات عديده ومتنوعه؛ وكانت صاحبة‬        ‫فترة سجنه إلى حبيبته أوليمب دينوفر‪“ :‬يمكنهم سلب‬
     ‫كينونه نسائيه فاعلة في المجتمع؛ كما أن إقامتها‬
    ‫لصالون ثقافي تصول وتجول فيه الأفكار الفكرية‬          ‫حياتي‪ ،‬ولكنهم لا يستطيعون سلب حبي ل ِك”‪ .‬وها‬

‫والثقافية ويصدح فيه الشعراء بأشعارهم ويتناقش في‬
   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47