Page 130 - merit 42 jun 2022
P. 130

‫العـدد ‪42‬‬                             ‫‪128‬‬

                                 ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬                         ‫الماضي‪ ،‬نظر ًّيا ومنهجيًّا‪،‬‬
                                                                       ‫من التوقعات المنفتحة‬
       ‫نقدي للتأريخ المنشور‬           ‫العالم‪ .‬لن يتم احتواء أو‬
     ‫ساب ًقا ‪-‬وهذا هو تاريخ‬        ‫الإلمام بالحقيقة كاملة داخل‬       ‫على‪ ‬المستقبل‪ ،‬وكان هذا‬
  ‫التأريخ‪ -‬ومؤشر لتحولات‬          ‫الأشياء بعد الآن‪ ،‬بل ستكون‬      ‫الشكل من الإجراءات شيئًا‬
    ‫التاريخ كنظام وكمساحة‬
    ‫لإضفاء الطابع الشخصي‬              ‫الحقيقة خاضعة للتاريخ‬         ‫مناسبًا للنظرة التاريخية‬
‫على التجارب الزمنية والمكانية‬        ‫وستكون البشرية ‪-‬التي‬              ‫للعالم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يجب‬
    ‫مع التطورات الاجتماعية‬         ‫تدرك تعدد وجهات النظر‪-‬‬             ‫أن نلاحظ أن استخدام‬
 ‫والثقافية والسياسية‪ .‬عندما‬          ‫مسؤولة عن التنقل داخل‬
 ‫يتعلق الأمر بنظرية التاريخ‪،‬‬        ‫الحقائق‪ .‬وهكذا‪ ،‬تم تجنب‬       ‫“التاريخية” في هذه المقالة‬
    ‫فإن تاريخ التأريخ يعمل‬         ‫دراسة التاريخ المعاصر لأن‬       ‫يشير إلى البناء الاجتماعي‬
   ‫أي ًضا على تحديد اتجاهات‬      ‫تحليل الأحداث يتطلب مسافة‬
     ‫ومتطلبات مجال التاريخ‬            ‫زمنية تفصل و‪ /‬تسمح‬            ‫للزمن الذي ادعى لنفسه‬
                                 ‫بملاحظة أوسع بمرور الزمن‪.‬‬       ‫أشكا ًل معينة من الممارسات‬
                ‫بشكل عام‪.‬‬            ‫إذن‪ ،‬بدأت الحقيقة تعتمد‬
  ‫تم تطوير التاريخ ليس فقط‬         ‫على المنظور الزمني‪ .‬المشكلة‬                   ‫التاريخية‪.‬‬
                                 ‫التي ظهرت تتمثل في‪ :‬من أي‬       ‫وف ًقا لـ”ميشيل فوكو”‪ ،‬فقد‬
     ‫نتيجة لتركيز المناقشات‬       ‫منظور يمكننا “ح ًّقا” مراقبة‬   ‫عاش المجتمع الحديث “أزمة‬
        ‫العلمية والمتخصصة‬        ‫العالم؟ من هذا التساؤل‪ ،‬ظهر‬     ‫تمثيل” رسم ٍّي‪ .‬بالنسبة إلى‬
        ‫في البحث عن حقيقة‬            ‫ما يسمى بسردية الواقع‬      ‫جومبريخت‪ ،‬كانت هذه ولادة‬
                                 ‫وإضفاء الطابع التاريخي عليه‬    ‫“المراقب من الدرجة الثانية”‪،‬‬
    ‫ستظهر لاح ًقا‪ ،‬لكن أي ًضا‬       ‫كاستراتيجيات للتعامل مع‬       ‫والتي يمكن أن تكون أي ًضا‬
     ‫كانت أبعادها السياسية‬          ‫الأزمة‪ ،‬وأصبح العالم الآن‬
‫والاجتماعية متكررة وحاسمة‬         ‫مرتب ًطا بـ”نص” يجب إعادة‬          ‫“أزمة وجهات نظر” أو‬
       ‫في تكوين خصائصها‪.‬‬                                          ‫“إضفاء الطابع الزمني على‬
 ‫وبالمثل‪ ،‬كان الاهتمام بكتابة‬               ‫كتابته باستمرار‪.‬‬       ‫وجهات النظر”‪ ،‬كما أطلق‬
 ‫التاريخ المعاصر أم ًرا حاس ًما‬  ‫أجبرت “أزمة وجهات النظر”‬          ‫عليها كوسليك‪ .‬تصف كل‬
   ‫لدعمه‪ ،‬نظ ًرا لأنه يشير إلى‬                                   ‫هذه الطوائف نفس الظاهرة‬
    ‫وجود أنماط متنافسة في‬          ‫المعرفة التاريخية على إعادة‬   ‫التي يجب أخذها في الاعتبار‬
                                       ‫تقييم نفسها‪ .‬سيحتاج‬       ‫عندما يسعى المرء إلى ولادة‬
         ‫عملية ضبط المجال‪.‬‬                                         ‫دقيقة للتاريخ‪ .‬تشير هذه‬
   ‫ردد التاريخ صدى الرغبة‬         ‫التاريخ كنظام إلى إعادة بناء‬    ‫الظاهرة إلى قطيعة معرفية‬
                                      ‫نفسه باستمرار‪ ،‬لأن كل‬
     ‫في تدخل الموضوعات في‬            ‫من الرؤية وفهم الأحداث‬          ‫في العالم الغربي‪ ،‬حدثت‬
   ‫الحياة العامة واليومية على‬                                       ‫نتيجة فقدان تكامل اللغة‬
 ‫مدار الحداثة‪ ،‬حتى عندما تم‬        ‫قد تغيّرا مع اختلاف الوقت‬    ‫والمكان والزمان‪ ،‬وهي ظاهرة‬
   ‫تمييزها بشكل لافت للنظر‬             ‫ووف ًقا لموضوع المعرفة‬     ‫تاريخية وصلت ذروتها في‬
                                                                ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬وتغلغلت‬
     ‫ببعد “علمي” يسعى إلى‬           ‫ذاته‪ .‬بدأ الإنتاج التأريخي‬    ‫بشدة في كل شيء وقلّ َصت‬
 ‫تحييد وجهات النظر الفردية‬         ‫ُيدرج في حالات أكثر عالمية‬      ‫الطابع التاريخي الأوربي‪،‬‬
‫فيما يتعلق بالماضي‪ .‬كان هذا‬        ‫من خلال توليفات فلسفات‬            ‫حيث سيكون كل شيء‬
  ‫أساسيًّا لتشكيله المؤسسي‪.‬‬
                                      ‫التاريخ والتاريخية التي‬               ‫عرضة للتغيير‪.‬‬
   ‫لذلك‪ ،‬حتى لو كان بطريقة‬            ‫سعت إلى (إعادة) تنظيم‬      ‫مع هذه الظاهرة‪ ،‬فقدت لغة‬
  ‫متضاربة‪ ،‬فإن عملية تحول‬             ‫الوقت باستخدام المعاني‬    ‫معينة قدرتها على الحفاظ على‬
   ‫التاريخ إلى نظام‪ ‬قد عززت‬         ‫التاريخية‪ .‬في هذا السياق‪،‬‬    ‫مساحتها المميزة في عضوية‬
                                   ‫ُولد تمرين التأريخ كتطوير‬
    ‫المطالب لشكل من أشكال‬
   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135