Page 132 - merit 42 jun 2022
P. 132

‫العـدد ‪42‬‬                              ‫‪130‬‬

                                ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬                         ‫تحقيق مصير التاريخ‪ .‬لن‬
                                                                   ‫تتمتع الروايات بالقوة بعد‬
 ‫“لن يتم تكريسه فقط لمعرفة‬          ‫ولكن من خلال استئناف‬          ‫الآن لتصبح روايات فوقية‬
    ‫كل ما ٍض‪ ،‬ولكن لمشاركة‬        ‫تجربته الخاصة‪ .‬من ناحية‬       ‫نظ ًرا لأنها حولت المستقبل إلى‬
                                                                 ‫ما أرادوا تجنبه‪ :‬عالم يتخلله‬
  ‫واستمرار كيانات وعروض‬             ‫أخرى‪ ،‬إذا كان هذا البعد‬
 ‫نقدية معينة مكرسة للنضال‬         ‫الأدائي يطلق مخاطر حنين‬            ‫العنف والاستبداد ونمو‬
                                                                         ‫الطبقية الاجتماعية‪.‬‬
     ‫من أجل التمايز‪ .‬وإعادة‬         ‫معين يهدف إلى استعادة‬
            ‫تنظيم التاريخ”‪.‬‬       ‫القيم الأخلاقية والممارسات‬       ‫يرتبط ظهور هذه الظاهرة‬
                                                                   ‫بتكوين زمانية جديدة كما‬
   ‫يمكن الجمع بين الاهتمام‬         ‫الاجتماعية المحافظة‪ ،‬فإنه‬
           ‫بإعادة التفكير في‬     ‫يقلص الارتباط بالماضي‪ .‬في‬            ‫ذكرنا ساب ًقا‪ .‬إن تخيل‬
                                ‫حالة العلوم الإنسانية‪ .‬تجادل‬      ‫المستقبل‪ ،‬بعي ًدا عن التقاليد‪،‬‬
   ‫البروتوكولات التأسيسية‬        ‫“إيفا دومايسكا” بأن توسع‬         ‫أصعب بكثير في هذه الفترة‬
     ‫للتاريخ وفهم المساحات‬       ‫الأداء ‪-‬أو الانعطاف الأدائي‬      ‫الزمنية‪ .‬يغير مفهوم الوقت‬
     ‫واللغات الأخرى المتاحة‬                                      ‫الذي نشير إليه أي ًضا العلاقة‬
                                   ‫في هذا المجال‪ -‬هو ظاهرة‬        ‫مع القانون‪ ،‬مما يتسبب في‬
  ‫للوصول إلى الماضي مع ما‬         ‫مرتبطة بالعودة إلى المادية‪،‬‬
   ‫يسمى بالتحول الأخلاقي‬         ‫استجابة لإضعاف استعارة‬             ‫التشكيك في سلطته مرا ًرا‬
    ‫والسياسي‪ .‬هذا المنعطف‬           ‫“العالم كنص”‪ ،‬مع معا ٍن‬         ‫وتكرا ًرا من قبل الروايات‬
    ‫هو اعتراف بالحاجة التي‬        ‫يتم تحديدها وبنائها‪ُ .‬يفهم‬        ‫الناشئة الأخرى‪ .‬يجب أن‬
    ‫يفرضها الأفق التاريخي‬         ‫الأداء على أنه شيء يتجاوز‬       ‫نسلط الضوء على أنه‪ ،‬وف ًقا‬
‫الحالي الذي يكرس فيه العديد‬     ‫السلوكيات المؤسسية المتوقعة‬       ‫لـ”جوزيف أخيل إمبمبي”‪،‬‬
‫من الإنسانيين مناقشة العالم‬     ‫والموقف التأملي تجاه الواقع‪.‬‬    ‫تشير هذه العملية إلى التجربة‬
 ‫المعاصر وتحديداته الخاصة‬           ‫من خلال الأداء‪ُ ،‬ينظر إلى‬    ‫الأساسية لعصرنا‪ ،‬وأن هذه‬
 ‫ومشكلاته وإمكانياته‪ .‬يجب‬         ‫العالم الآن على أنه مجموعة‬        ‫التجربة الأساسية تتمثل‬
                                  ‫من الإجراءات والإمكانيات‬        ‫في حقيقة أن أوروبا لم تعد‬
     ‫أن نلاحظ أن هذا مطلب‬                                         ‫“مركز الثقل في العالم”‪ ،‬بل‬
 ‫أخلاقي مختلف عن وجهات‬                ‫التي يتصرف المرء من‬         ‫إن اللامركزية التي أضحت‬
 ‫النظر التاريخية العالمية التي‬    ‫خلالها‪ ،‬وليس مجرد شيء‬            ‫تتميز بها أدت إلى إضعاف‬

     ‫سعت إلى توحيد الواقع‬                    ‫يمكن تفسيره‪.‬‬             ‫واضح لمشروع المعرفة‬
     ‫والتحكم فيه على أساس‬           ‫في الحالة المحددة لنظرية‬                       ‫الحديثة‪.‬‬
     ‫مشروع عالمي‪ .‬أن تكون‬           ‫التاريخ وتاريخ التأريخ‪،‬‬
  ‫الأخلاق عنص ًرا مركز ًّيا في‬       ‫والتي تفتح مساحة لهذا‬            ‫عندما نشير إلى تكوين‬
   ‫تخصيص العالم المعاصر‪،‬‬        ‫النوع من العلاقة مع الماضي‪،‬‬         ‫اجتماعي للوقت يفقد فيه‬
  ‫فهذا يعني الانتباه إلى طابع‬                                    ‫المستقبل أهميته‪ ،‬فإننا ندرك‬
  ‫التاريخ غير القابل للتأثير‪،‬‬         ‫يمكن تشكيل مثل هذه‬           ‫أن أحد أبعاد الماضي التي‬
                                 ‫الحقول للأنشطة المخصصة‬         ‫تبرز هي قوته الأدائية‪ .‬وبهذا‬
        ‫فهو يسعى إلى شرح‬         ‫لنقد النسخ النهائية للتاريخ‪.‬‬    ‫المعنى‪ ،‬فإن الأداء الذي يعمل‬
    ‫الاحتمالات والاختلافات‪،‬‬                                     ‫باعتباره استحضا ًرا للماضي‪،‬‬
                                     ‫تسعى هذه المجالات إلى‬         ‫لا يستخدم فقط من خلال‬
         ‫وليس التحكم فيها‪.‬‬      ‫إظهار طابع الاحتمال الخاص‬          ‫الحاجة إلى إنتاج سرديات‬
                                                                 ‫تفسيرية سببية ومتسلسلة‪،‬‬
‫تواريخ غير تقليدية‬                     ‫بها أو‪ ،‬بعبارة أخرى‪،‬‬
                                  ‫تعددها‪ .‬استنا ًدا إلى “والتر‬
     ‫بحسب “هايدن وايت”‪:‬‬          ‫بنجامين”‪ ،‬يقترح “مارسيلو‬
   ‫ما هو ساذج ح ًّقا بالنسبة‬       ‫رانجيل” أن التأريخ الذي‬
 ‫للمؤرخين هو أنهم يعتقدون‬          ‫يستجيب لتحديات عصرنا‬
   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137