Page 161 - merit 42 jun 2022
P. 161
159 الملف الثقـافي
الخربة والبائسة ،ليبني العام المتداخل مع الشخصي. أو مطالبه المشروعة في
عوالمه الجديدة الجميلة على ثمة أي ًضا إيمان عميق لدى الحياة على نحو ما يظهر
محمود قرني بموهبته الذاتي مرك ًزا لدى عديدين
أنقاضها وشظاياها. الشعرية ،أو بمكانته كمثقف ممن ُيط َلق عليهم مبدعين أو
محمود قرني الشاعر؛ نقدي ،لكنه لا يتحدث عنها، مثقفين ،أو ما يطلق عليهم
أحد بناة العوالم التخييلية لأنه في تقديري ملول من «الشكاءين البكائين» لكثرة
لقصيدة النثر ،وموقعه الحديث حول إبداعه .حالة شكاياتهم ومطالبهم ،وهذا
بارز في جيله ،وما بعده من نكران الذات المعبرة عن الإحساس الباثولوجي بأنهم
من شعراء قصيدة النثر، الثقة فيما يبدعه ويكتبه وفي من المضطهدين وأن لهم من
من هنا تبدو المفاضلة بقائه حيًّا ،يصوغ الأمل الحقوق المشروعة الكثير،
بينه وبين الميراث الثقافي في الشعر والكتابة من قلب لكنهم لا يحصلون عليها،
للشعرية العربية الكلاسيكية، بقطع النظر عن تهافت هذا
والوسطية والإحيائية خرائب الحياة .ثقة عميقة في الخطاب اليومي الصاخب،
والتجديدية للقصيدة أن مكانة إنتاجه مقدرة سواء والشائع في هذه الدوائر غير
العمودية ،والشعر الحر ،أو قال بعضهم واعترف بذلك، المنتجة .وسط كل هذا لا يكاد
الشعر المنثور .جاء ومعه محمود ينطق في غياب الذاتي
شعره في جيل الثمانينيات، أو أنكر أو صمت ،شأن عن خطابه ،سوى بجلال
في ظل شيوع ذائقات تقليدية الكثيرين في النقد ،والكتابة السلام الداخلي المترع بالأمل
حول الشعر ،وموسيقاه،
وإيقاعاته ومجازاته ،تكرسها المهيمنة.
تقاليد تعليم الشعر العربي، روح وثابة وعقل يقظ،
في المدارس ،والجامعات وثقافة متنوعة ومتجددة
وتحبيذات غالب النقاد، تسري حا َّر ًة في حنايا ودماء
والدرس الأكاديمي الذى نصوصه الشعرية والنقدية،
يسيطر عليه غالب المدرسين لا يعتمد فيها على موهبته
وفوضاهم الاصطلاحية، فحسب لأنها يمكن أن تخزل
الشاعر والكاتب ،إذا لم
وتطبيقاتهم المشوبة تستند إلى التجديد في المعرفة
بالاضطراب والتشوه. والمواكبة والوعى البصير،
وثقافة العيون المفتوحة على
من هنا جاء محمود الجمال في منابته ،وتنوعاته،
و ُمجايلُوه و َمن َقبلهم من وتحولاته ،في جمال الجميل،
وجمال القبح أي ًضا .من
رموز جيل السبعينيات هنا يتجلى الجميل البصير
إلى عالم مسيطر عليه من المؤنق والجارح في سروده،
الذائقات واللغة والرموز وقصائده النثرية ،ودواوينه،
والمجازات والأساطير وكتبه.
الأدبية والتاريخية التي يبدو محمود عصيًّا على
تتسم بالنمطية والتكلس، الكتابة عنه ،إنسا ًنا ومبد ًعا،
ور َّها ِب التجديد .جاءوا
ساعين إلى القطع مع ما هو حيث يطغي العام على
سائد من شعرية قصيدة الخاص ،في رحلة بحثه
التفعيلة والشعرية الغنائية، الدؤوب من أجل هدم العوالم