Page 165 - merit 42 jun 2022
P. 165
163 الملف الثقـافي
مستقرة تقول إن الإنسان مخزون ثقافته البصرية والاجتماعي والثقافي،
مركز وجوهر الوجود، التشكيلية ،والفوتوغرافية، وسياجاته ،وحدوده،
ومن ثم تهدم ما وراءها والسينمائية ،وتعدد مصادر وسلطاته المهيمنة ،لمحاولة
فهم سوسيولوجية الانخلاع
من محمولات ونظريات .إن تكوينه الثقافي المتجددة. والقطيعة معه ،وتجاوزه
اللغة لغتنا ،ولغاتنا المتعددة يمكنك أن تجد سن ًدا لذلك في إلى آفاق تخييلية ،وقاموس
فيما يبدو ،ستغادرنا ،وقد دواوينه ،ومختاراته «أبطال لغوي وشعري مغاير،
الروايات الناقصة” وكذلك في وخاص ،يحاول التوفيق بين
لا نستطيع مصاولة هذا عمليتي الهدم والتجاوز ،ثم
التحول إلى ما بعد الحقيقة، مختاراته التي بين أيدينا. البناء لعالمه على الخواء في
وما بعد الإنسانية ،في ظل إن أسئلة الشاعر محمود العقول والأفكار والأرواح،
قرني وهمومه ،لا تنطلق ومحاولة تحطيم وزرع
انهمارات اللغة الرقمية من الأنظمة السائدة ،سواء الأرض اليباب ،إذا شئنا
وثوراتها المتجددة .من هنا استعارة الشاعر العظيم ت.
كانت سياسية ،دينية،
فإن السرديات والعلوم أو أخلاقية ،لأنها تمثل إس .إليوت.
الاجتماعية ،والشعر أمام سياجات ومعتقلات للروح، ما يسترعي الانتباه في
تح ٍد لمغادرة اللغة الحديثة لكنه يخوض عملية تحرر أعمال محمود قرني الشعرية
وما بعدها وما بعد بعدها، وانخلاع ومفاصلة لهدمها
بوصف اللغة هي العالم، وتجاوزها نحو الأسئلة والنقدية ذات الطابع
والمرجح أنها عالمنا الذي الوجودية ،إزاء مخاتلات الثقافوي والتحليلي ،يتمثل
يغادرنا إلى ما بعد الإنسانية، الحياة ،وتحولاتها المدهشة في لغته الخاصة ،ومزجها
عبر لغة مغايرة بدأت في بين مفرداتها العربية البليغة،
والمفاجئة والصادمة وبين تخييلاتها الخاصة،
التشكل. والخطرة ،عبر سعيه
الشعر وحده ربما القادر على لاكتشاف أثر التغير والتحول ومجازاتها ،وبين اللغة
غزو اللغة الجديدة ،والتخييل على الوجود ،والكينونة الجديدة ،وبين الشعرى
والفلسفي في مزاج مؤتلف،
عبرها ،وبها ،إلى عوالم ما الإنسانية.
بعد الإنسانية ،وانهيار عالم الشعر الآن ليس ربي ًعا ونزوعها التجريدي.
من السرديات ،والشعر ابن للوضوح والبيان وسذاجته، يبدو لي أن هذه الاستراتيجية
وإنما هو حفر في عوالم
العوالم الماضوية والمحدثة الغموض الذي ينطوي عليه في الكتابة هي إنتاج للعقل
وما بعدها وما بعد بعدها، الوجود الإنساني المتغير. القانوني المجرد الذي تشكل
إن لحظة التحول الراهنة،
ليغدو جز ًءا من المتحف أصعب لحظة في التاريخ لدى قرني عبر دراسته
الإنساني الكوني ،وثقافاته الإنساني المكتوب كله، للقانون وبنياته النظرية،
المستور ،الغامض ،الغائم، موصولة بالفلسفة ،إلى جانب
المتعددة. والشفاهي .إنها لحظة موارده القرائية ،وتمثلاته
هنا مأزق الوجود ،وربما الهدم العظمى لما نعرفه ولو لها في الشعر في مختلف
سيكون الشعر المختلف، غيبًا ،لحظة هدم لتكويننا مصادره واتجاهات مدارسه،
هو من سيشهد علينا وعلى المعرفي في لحظة عصية على يتضح هذا في انشغاله الدائم
وجودنا الما بعدى ،أو نهايته. الإمسا ِك بها .إنها فيروس بفكرة العدالة كقيمة مجردة،
الشعر ،وقصيدة النثر ستغدو متحول يهدم مقولات مع اهتمامه بتاريخ السرد
رائية وشاهدة على هذا القطع الروائي والقصصي ،وتعظيم
مع ما نعرفه ،وربما سيغدو
الشعر نبي عالمنا الما بعد
إنساني المختلف