Page 162 - merit 42 jun 2022
P. 162

‫العـدد ‪42‬‬                              ‫‪160‬‬

                               ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬                            ‫وسلطة بعض الشعراء‬
                                                                     ‫الكبار المكرسين الذين‬
  ‫التحديث المادي والسلطوي‬       ‫التعليمية والسياسية‪ ،‬فتبدو‬     ‫وصموا هذا النمط من الشعر‬
        ‫في عهدي محمد علي‬            ‫كأداة للضبط الأخلاقي‬         ‫النثري الجديد بـ»القصيدة‬
                                                               ‫الخرساء» وفق نعت صديقنا‬
  ‫وإسماعيل باشا أسرع من‬        ‫والرمزي والسياسي‪ ،‬ومعها‬             ‫الشاعر الكبير أحمد عبد‬
‫حركة الأفكار‪ ،‬على الرغم من‬       ‫السلطة السياسية المحمولة‬          ‫المعطي حجازي في كتاب‬
                                     ‫على المحافظة والجمود‪.‬‬      ‫صدر له يحمل هذا العنوان‪.‬‬
   ‫بدايات لمؤشرات الازدهار‬            ‫تحليل سوسيولوجية‬            ‫حالة من الحصار الذاتي‪،‬‬
     ‫الكوزموبوليتي للقاهرة‬            ‫تلقي الشعر التقليدي‪،‬‬      ‫والخطاب النقدي المضطرب‪.‬‬
              ‫والإسكندرية‪.‬‬       ‫وشعر النهضة والمحافظين‬        ‫لكن الأخطر تمثل في استمراء‬
     ‫استمر الشعر العمودي‬        ‫والمجددين في عالم القصيدة‬          ‫حالة عامة تسكنها بع ُض‬
                                  ‫العمودية‪ ،‬يشير إلى هيمنة‬       ‫من نثارات الشعر التقليدي‬
 ‫مسيط ًرا‪ ،‬مع بدايات الحركة‬        ‫ال ُبنى الموسيقية العربية‪،‬‬         ‫العمودي‪ ،‬وموسيقاه‬
     ‫القومية المصرية‪ ،‬وذلك‬                                         ‫الصاخبة وإيقاعاته التي‬
                               ‫وموروثها التركي‪ /‬العثماني‬             ‫تعيد إنتاج عوالم أ َف َلت‪،‬‬
  ‫لأن الطلب كان متزاي ًدا على‬    ‫الذي جاء واف ًدا مع غزوهم‬           ‫ومقولات حاملة للحكم‬
   ‫الحماسة والتعبئة الوطنية‬     ‫لبلادنا‪ ،‬حيث رتابة الإيقاع‪،‬‬      ‫التقليدية‪ ،‬وفصاحة البداوة‬
 ‫ضد ولاية المتغلب الخديوية‬         ‫وتكرار الجمل الموسيقية‬       ‫الشعرية‪ ،‬وأطلال الحواضر‬
‫مع العرابيين‪ ،‬ثم في مواجهة‬                                           ‫التي تبددت مع الزمن‬
                               ‫التي تعكس الزمان الموسيقى‬          ‫المتغير‪ .‬عالم من الثنائيات‬
      ‫الكولونيالية البريطانية‬        ‫الدائري‪ ،‬وال ُجم ُل التي‬  ‫والمقولات الأخلاقية المساوقة‬
    ‫المنحطة‪ .‬أعقب ذلك حقبة‬                                         ‫مع زمانها الغابر‪ .‬أنماط‬
                               ‫تخاطب الحواس لدى المتلقي‪،‬‬       ‫شعرية تعاد وتتلى في الدرس‬
     ‫من التطور في الشعرية‬      ‫في عالم كانت مصر وثقافاتها‬      ‫المدرسي‪ ،‬وتسندها السلطات‬
 ‫العربية والمصرية مع النظام‬
                                ‫تحاول كسر عالمها التقليدي‬
     ‫شبه الليبرالي‪ ،‬والمجتمع‬      ‫الرتيب‪ ،‬والتكراري نسبيًّا‪.‬‬
      ‫شبه المفتوح على المدن‬      ‫قاعدة استهلاك للموسيقى‬
                                 ‫والأغاني تكرس منظومات‬
  ‫الكوزموبوليتانية وتعددها‪،‬‬       ‫القيم التقليدية‪ ،‬بينما كان‬
  ‫وتلاقحها الثقافي والقيمي‪،‬‬       ‫بعض من نبهاء المصريين‬
                                ‫يسعون إلى كسر السياجات‬
        ‫وانفتاحها على المركز‬      ‫الماضوية‬
                 ‫الأوروبي‪.‬‬         ‫في القيم‬
                               ‫ونظام البناء‬
      ‫مع أزمة وباء الكوليرا‪،‬‬
   ‫وتناغم روح نازك الملائكة‬        ‫وطرزه‬
‫عراقية المولد‪ ،‬والحاملة لروح‬      ‫المعمارية‬
    ‫مصر وثقافتها‪ ،‬وآخرين‬        ‫والجمالية‪،‬‬
    ‫في مصر‪ ،‬بدأ التحرر من‬        ‫والأفكار‪،‬‬
‫العمودية الشعرية‪ ،‬إلى الشعر‬       ‫والتعليم‪،‬‬
   ‫الحر‪ ،‬ثم إلى بروز المسرح‬        ‫من أجل‬
  ‫الشعرى‪ ،‬علي أحمد باكثير‬
   ‫وعبد الرحمن الشرقاوي‪،‬‬           ‫التحرر‬
‫وسطعت شعرية صلاح عبد‬           ‫لمصاولة من‬
‫الصبور‪ ،‬وحجازي وآخرين‪،‬‬
   ‫مع الروح العارمة للتحرر‬         ‫تقدموا‪.‬‬
‫الوطني والاستقلال والتطلع‬             ‫كان‬

         ‫إلى الحرية والتقدم‪.‬‬
    ‫ساعد على بعض التحرر‬
   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167