Page 164 - merit 42 jun 2022
P. 164

‫نازك الملائكة‬      ‫جاء محمود و ُمجايُلوه و َمن َقبلهم من رموز‬
                               ‫جيل السبعينيات إلى عالم مسيطر عليه‬
 ‫المسكونين بالخواء‪ .‬لم يهتم‬     ‫من الذائقات واللغة والرموز والمجازات‬
     ‫برحيل بعضهم إلى زمن‬       ‫والأساطير الأدبية والتاريخية التي تتسم‬
                                 ‫بالنمطية والتكلس‪ ،‬ور َّها ِب التجديد‪.‬‬
 ‫السرد القصصي والروائي‪،‬‬        ‫جاءوا ساعين إلى القطع مع ما هو سائد‬
   ‫في رحلة بحث عصية‪ ،‬عن‬         ‫من شعرية قصيدة التفعيلة والشعرية‬
   ‫“الاعتراف”‪ ،‬وعن الذيوع‬      ‫الغنائية‪ ،‬وسلطة بعض الشعراء الكبار‬
                   ‫والمكانة‪.‬‬   ‫المكرسين الذين وصموا هذا النمط من‬
   ‫لم يهتم بزمن الرواية‪ ،‬ولا‬  ‫الشعر النثري الجديد بـ"القصيدة الخرساء"‬
    ‫بتلال القصائد الخرساء‪،‬‬
  ‫وها أنا ذا أستخدم وصف‬          ‫وغير محايثة‪ .‬ومن منابت‬         ‫والجمالي‪ ،‬ومعه شعرائهم‪،‬‬
                                   ‫الحصارات وسياجاتها‬          ‫وقصاصيهم‪ ،‬ومسرحييهم‪،‬‬
‫صديقي عبد المعطى حجازي‬
‫الشاعر الكبير‪ ،‬دون سياقاته‬       ‫ومعتقلات الروح والعقل‪،‬‬                       ‫وروائييهم‪.‬‬
                                     ‫انفجرت اللغة المغايرة‬       ‫كسر هذان الجيلان عوالم‬
    ‫أو دلالته‪ ،‬وذهب محمود‬
   ‫مع بعض الموهوبين سعيًا‬     ‫ومجازاتها الاستثنائية‪ ،‬تفتح‬            ‫السرديات الكبرى إلى‬
 ‫وراء بناء العالم الجديد فوق‬  ‫أبواب عوالمها القلقة والمتوترة‬    ‫الذات الأقنومية‪ ،‬والمشهدية‬
‫خرائبه‪ ،‬يهدمون‪ ،‬ويؤسسون‬
   ‫للاختلاف ولجماليات ج ُّد‬          ‫بين انشطارات الذات‬          ‫والتذري في عالم الشظايا‬
  ‫مختلفة‪ ،‬وتشكل قطيعة مع‬          ‫الشاعرة‪ ،‬وتشوه عالمها‪،‬‬      ‫والتفكك والتفاصيل الصغيرة‬
                                 ‫إلى أسئلة الوجود الفردي‬
              ‫من سبقوهم‪.‬‬        ‫والإنسانوي‪ ،‬وتحلق فوقها‬            ‫والهامشية‪ ،‬والبحث عن‬
‫في ظل هذه الفضاءات الجيلية‬                                       ‫الذات التائهة في مجتمعها‪،‬‬
                                    ‫أسئلة الوجود والعدم‪.‬‬
   ‫المتغيرة‪ ،‬يمكن الدخول إلى‬  ‫من العزلة إلى مجتمع تغادره‬             ‫وعالمها فائق السرعة‬
 ‫عالم محمود قرني الشعرى‬        ‫نجومه اللامعة‪ ،‬ويقتات ك ٌّل‬     ‫والتغير‪ .‬لم تعد لغة مدرسة‬

      ‫والنقدي‪ ،‬عبر فضاءات‬       ‫على تاريخه المتخيل‪ ،‬ولغته‪،‬‬         ‫الإحياء صالحة لمواجهة‬
    ‫لا يمكن عزلها عن الواقع‬    ‫وسردياته‪ .‬هنا ظهر محمود‬            ‫القيم الجديدة والتزامات‬
                                                                ‫السرديات الكبرى‪ ،‬لأنها لم‬
       ‫الموضوعي السياسي‬           ‫قرني مغاي ًرا ومختل ًفا في‬  ‫تشكل تعبي ًرا عن العوالم التي‬
                                   ‫شعره ولغته وقصيدته‪،‬‬        ‫سكنت هذه الأنماط الشعرية‪.‬‬
                               ‫ومعه عدد من الموهوبين من‬        ‫بدت الحاجة إلى لغة شعرية‬
                               ‫جيله ومن الأجيال اللاحقة‪.‬‬        ‫مغايرة ومتمايزة‪ ،‬في هذين‬
                                ‫لم يأبه بانهمارات القصائد‬
                                ‫والدواوين وبعض الشعراء‬               ‫الجيلين‪ ،‬عن الأنساق‬
                                                                 ‫الشعرية التي بدت قديمة‬
   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169