Page 194 - merit 42 jun 2022
P. 194
العـدد 42 192
يونيو ٢٠٢2 الروج /في ملابس الحداد/
والأخوة الذين أعدوا إعلام
وقذف الشياطين بالأحجار التي ربيتها -ذات يوم-
والأب الذي يعمل ساعيًا في بيتي الوراثة»!
للبريد والأم التي تصرخ بطبيعة الحال ،وبسبب
من شرفتها طالبة رسائل واعتقدت -من فرط الألفة- هذه الدرامية المهيمنة على
أبنائها الذين ماتوا ..إلخ. أنها شقيقتي. الديوان ،وهي درامية
كل ذلك يؤكد وجود كائن مقصودة تتسق مع الغرقى
كبير متسلط متغلغل في الرحيل والغربة ومطاردة وصراعهم الوجودي مع
التعاسة هي مقومات الذات الفناء ،بطبيعة الحال يتحول
شرايين الذات ،إلى أن نصل القلقة في الديوان ،وتتكرس وجود الشخصيات في
إلى قصيدة بعنوان «الله هذه الابتلاءات بموت الأب الديوان إلى سؤال كبير
لا يسكن في بولاق» في ونزعم أنه الخيط الواصل عن وجود العدالة التي
منتصف الديوان تقريبًا، بين جميع قصائد الديوان، هي مرتكز الوجود ،والتي
فنشهد عودة الغائب إلى يصبح الوجود بدونها قريبًا
وربما ندعي أنه الخيط من العدم ،ولما كانت الإجابة
مقره القديم الذين كان قد الواصل بين دواوين محمود باستحالة وجود هذه
تركه مقهو ًرا في الماضي، العدالة فإن الفناء يتكرس
وحتى العودة بعد الغياب قرني السبعة التي أنتجها في قصائد الديوان كلها وإن
حتى الآن .وينبغي أن يدقق كان يأخذ صورة الوجود
لم تأ ِت بغير الذكريات الصوري ،أو الوجود الذي
الدالة على ذات تطاردها القارئ في رمزية موت لا يستحق الوجود بعد
التعاسة أو تطارد هي الأب؛ فالأب هنا هو الأب تورط شخصيات القصائد
التعاسة كما جاء في صفحة كلي القدرة الذي لم يمت عن في التفاصيل اليومية الغارقة
،28ذكريات فرصة سانحة الذات فحسب ،وإنما عن فيما لا حصر لـه من
للحب من خلال شخصية جميع الذوات الأخرى التي مشكلات صغيرة لا تناسب
فرحة محمد علي التلميذة بعد أن لم يترك خلفه إر ًثا مقام الصراع الأول مثل
المكافحة ،ولكن الفرصة ولا سلطا ًنا /ترك حقائب التي تتحدث عن زيجاتها
ُتجهض بسبب انطلاقها من من رسائل /لم تصل إلى السابقة ،والتي تحمل
عالم منهك محاط باللعنات أهلها /وجو ًعا يسكن بين عكازها في تؤدة ،والذين
الفكين» ،ما يومئ إلى علاقة يحلمون بانتصارات لن
كما يتبدى في مصائر تجيء انتها ًءا بالذات المتأزمة
شخصياته ،مما يجعل أقامها رسل الرب بين التي تعلن أزمتها في أسطر
الذات تقمع رغبتها مما الأرض والسماء ،لتقع بعد تبدو ختا ًما لهذا المشهد:
يتناص مع الأرض الخراب ذلك الذات رهينة عند السيد
وأغنية حب ج .ألفرد أنا الراحل الغريب
بروفروك ،ويكاد التناص الوحيد الذي اشتراه من لا ظل لي..
يعلن عن نفسه في الأسطر الأم:
لا خطى ..ولا غبار
التالية: لأكتب لـه برقيات التعازي أعترف بأنني
كنت حزينًا أمام الماضي وأحمم الكلاب
عشت عمري بلا جدوى
أمام ذكريات حارقة وهنا ندرك مدى تسلط هذا أطارد التعاسة الهاربة
تركتها في شارع «محمود السيد ،وهيمنته المخيفة على
السميعي»، الذات ،ومطاردته لها في
حيث آلاف المارة.. كل حركاتها .نزعم أن هذه
عربات الفاكهة. القراءة تتعضد من خلال
منظومة المفردات المنثورة
في خبث في أسطر القصائد
من مثل :الوالي والروضة