Page 193 - merit 42 jun 2022
P. 193

‫الملف الثقـافي ‪1 9 1‬‬

‫وائل غفير‬  ‫ت‪ .‬س‪ .‬إليوت‬        ‫إزرا باوند‬                         ‫الموت دو ًرا طار ًئا لم يتح‬
                                                                   ‫لـه في البداية‪ .‬ومن هنا‬
  ‫«قد ًرا مملو ًءا بالحصى»‪.‬‬   ‫بأسرارها‪ ،‬فمن حكم بالموت‬        ‫يأتي عنوان القصيدة الثانية‬
 ‫و»ثعبا ًنا في سلة الفاكهة»‪.‬‬     ‫على ما أوجد يطاله الموت‬          ‫في الديوان «نزهة خلوية‬
  ‫وهي مؤشرات على تركة‬                                             ‫مع الموت»‪ ،‬وكأن السفر‬
 ‫ثقيلة تتأسس على الوجود‬         ‫هو نفسه‪ ،‬ويكون بذلك قد‬          ‫من الأبدية إلى سرابها على‬
                                ‫أوجد موته وحياته في آن‪.‬‬          ‫الأرض ما هو إلا ما يدل‬
    ‫وما يبطل هذا الوجود‪.‬‬                                         ‫عليه هذا العنوان‪ .‬فالذات‬
     ‫فالزوجة التي «أخفت‬           ‫وصورة الثعبان في سلة‬        ‫مخلوقة للعدم‪ ،‬وكل ما تفعله‬
 ‫أصابع الروج‪ /‬في ملابس‬          ‫الفاكهة صورة غالبة حيث‬         ‫في وجودها هو التجوال في‬
   ‫الحداد‪ /‬والأخوة الذين‬      ‫تختصر قصة الشر في الخير‬          ‫فضاء الأرض لاختيار القبر‬
‫أعدوا إعلام الوراثة»‪ ،‬وهي‬                                     ‫«بين البيت والحقل»‪ .‬فالذات‬
 ‫مفردات بسيطة مستوحاة‬              ‫في صورة أشبه بالحلم‬         ‫لا تملك إلا اختيار القبر‪ ،‬أي‬
 ‫من الشأن اليومي لتختزل‬          ‫الذي يوجز عبثية الوجود‬          ‫لا تملك إلا اختيار العدم‪،‬‬
  ‫ما انتهت إليه تلك المعركة‬     ‫المتدثر بالفناء‪ ،‬وهي عبثية‬      ‫وهو اختيار محدود بسبب‬
    ‫الكبرى التي جرت بين‬        ‫متعمدة يصبح معها البحث‬            ‫محدودية المساحة المتاحة‬
      ‫السماء والأرض‪ .‬إن‬           ‫عن العدالة عبثًا أي ًضا ما‬   ‫لهذا الاختيار‪ .‬ولكن المشهد‬
‫الصراع الكبير بين الوجود‬      ‫دام الباحث عنها لا يلتمسها‬      ‫ربما أكثر عم ًقا من هذا‪ ،‬فمن‬
     ‫والعدم يعوزه الهدف‬           ‫إلا عند مدبر هذه المكيدة‬     ‫هذا الذي خرج الجيران إلى‬
 ‫ويفتقر لغاية على مستوى‬        ‫الوجودية التي انقلبت عليه‬
  ‫الحدث‪ ،‬ولكن على الضد‪،‬‬         ‫هو شخصيًّا فطاله العدم‪.‬‬              ‫الشرفات ليودعوه؟‪:‬‬
  ‫ينتهي الصراع الكبير إلى‬        ‫فالمشهد هنا يشرف عليه‬        ‫وتحية أخرى للجيران الذين‬
‫أشياء‪ ،‬كما قلنا بسيطة مثل‬     ‫كائن مطرود أي ًضا من نعمة‬
‫«الزوجة التي تخفي أصابع‬         ‫الخلود‪ ،‬ومشيع بالنظرات‬                           ‫خرجوا‬
                              ‫الحاقدة إلى مثواه الأخيرة في‬        ‫يودعونني من الشرفات‬
                              ‫غياهب النسيان تار ًكا وارءه‬       ‫ثم عادوا ليواصلوا تأديب‬

                                                                                ‫أولادهم‬
                                                                   ‫أما الزوجة التي أخفت‬

                                                                           ‫أصابع الروج‬
                                                                        ‫في ملابس الحداد‬
                                                               ‫والأخوة الذين أعدوا إعلام‬

                                                                                 ‫الوراثة‬
                                                                  ‫ممهو ًرا بخاتم الوصاية‬

                                                                       ‫سأترك لهم ثعبا ًنا‬
                                                                         ‫في سلة الفاكهة‪.‬‬

                                                                        ‫***‬
                                                               ‫يبدو أن المشهد هنا ينطوي‬
                                                                ‫على إلغاز متعمد‪ ،‬والقارئ‬

                                                                  ‫عليه أن يكون يق ًظا حين‬
                                                                ‫يقرأ قصيدة النثر الحديثة‬
                                                              ‫خاصة التي يكتبها العارفون‬
   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197   198