Page 195 - merit 42 jun 2022
P. 195
الملف الثقـافي 1 9 3
الراحلين (سبع قصائد)،- قدميه. صناديق البخور،
فالذات تسير على هدى من اعتلى (هذا الجمع) التل باعة الخبز،
بوصلة ال َجد الميتافيزيقية ثم انحدر إلى شارع الملك
النشالون المحترفون..
التي شق بها الطريق إلى وليم(.)2 بلحية كث ٍة
الصحراء /دون أن يفصح في «قصائد الغرقى» أي ًضا
عن الأسباب ،فهو يسترشد على كرسي مرتفع وينادي:
تمتزج الذكرى بالرغبة، تبرعوا لبناء دار للأيتام»
بالغموض ،ويسير في ذكرى (فرحة) التي أجهض إن الذات هنا تطاردها
العماء ،والبوصلة لا تعني تفاصيل صغيرة في الحياة
وضوح الرؤية والقدرة على الراوي حبها في قلبه لأنه
معرفة الطريق؛ بل الأمر كان (مشغو ًل) ،وهو ما اليومية في بولاق ،وهي التي
على النقيض ،لأن صاحب يشير إلى العجز وربما تشكل وعيها بالأزمة جر ًيا
الرفض ،وهو ما يضاهي
البوصلة الأول في عرف رفض الحياة نفسها والرغبة على عادة شعراء قصيدة
الذات الشاعرة قد ضل في الموت .في هذا المشهد على النثر الذين «يستخدمون
الطريق ،مما يؤكد على وجه الخصوص نجد أن
عبثية البوصلة والتركة الإحالة حاضرة إلى النشيد العادي واليومي من
كلها .وينتهي الجزء الأول الرابع في الأرض الخراب المفردات والمشاهد والأفكار
من الديوان بإعلان المتكلم
عن موت الأب مصحو ًبا بعنوان (الموت غر ًقا)، والتعبيرات ،ولكنهم
خاصة إذا تذكرنا عنوان مبتعدين عبره عن الشائع
بلعنته: الديوان الذي بين أيدينا
ولعنت أبي والمستقر والمبتذل»(،)1
الذي مات ميتة غير مناسبة «قصائد الغرقى». المقطع السابق يضع أيدينا
وترك لي جنو ًدا حمقى يتأكد عجز الذات في على مفارقة مستوحاة من
يبعثون رس ًل غير القصيدة الخامسة (بوصلة
محصورين العارف بالله) التي تشهد قناعات الفقراء ،التي هي
إلى الصحراء حياة وموت الكائن الأكبر، ليست بالطبع قناعات الذات
فلا يعودوا وهو رمزية قاهرة تلازم
ومنذ سنين لا أعرف عددها الذات كالظل ،هنا في مفردة الشاعرة ،والمقطع أي ًضا
ما زال جنوده هناك (ال َجد) الذي كان «يقف يلعب على المفارقة بين مشهد
يتوعدون الناقة أمام شجرة عباد الشمس/
التي أحبها البعير. ويهتف للسماوات /أن البداية المهيب الذي وقع
نلمح هنا المأزق الوجودي تمنحه الكثير من تلك في السماء ،وهذا المشهد
للذات الشاعرة ،وهو الأبراج» ،لقد مات هذا ال َجد الوجودي المختزل في متعبين
مأزق متمثل في موت الأب واقتبست الذات من موته وغراقى وأيتام .إنه يحيلنا
والإرث الذي تركه لأولاده مو ًتا في الحياة .موت الكائن أي ًضا إلى «الأرض الخراب»
محا ًطا بجنود «يتوعدون موت جزئي للذات التي وخاصة نشيد «دفن الموتى»
الناقة /التي أحبها البعير». يتحقق فناؤها ووجودها
إن الأب هو الذي يوجد في كل مشهد من مشاهد حيث يقول إليوت:
الشيء ويفنيه ،يخلق الحب الديوان بجزئيه -جدران تحت الضباب في فجر
ويحاصره ،في طبع يعيش بحدود السماء (ست
قصائد) والنجوم التي تودع شتوي،
قد تدفق جمع من الناس على
جسر لندن ،جمع كثير،
ما كنت أحسب الموت قد
حصد هؤلاء الناس جمي ًعا.
شرعوا يزفرون ويرسلون
التنهدات القصيرة القليلة،
وثبت كلم منهم عينيه على