Page 206 - merit 42 jun 2022
P. 206

‫العـدد ‪42‬‬         ‫‪204‬‬

                                                                  ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬   ‫سالم)‪ /‬كان يرتدي عباء ًة‬
                                                                               ‫موالن َّاطلَنا َخف ِّز‪/‬س‪/‬معقابَّبقلةت ُهبالبم ُْسص ِْكحب ِة‬
   ‫قول ما لا نعرفه بكلمات‬    ‫قالوا‪ /‬إ َّن قصائ َد ُه َح ْق ٌل من‬
‫نعرفها تذهب وحشة القول‬                 ‫ال ِع َن ِب الم ْس ُموم»‪.‬‬                    ‫امرأة غريبة‪ /‬قال إ َّن‬
                                                                               ‫اسمها (أسما ُء بنت عيسى‬
                ‫وصدمته‪.‬‬      ‫هذه التخطيطات‪ ،‬الموصوفة‬
‫هنالك في نصه هدوء مريب‪.‬‬         ‫بالسواد‪ ،‬معنًى لا شك ًل‪،‬‬                                     ‫ال ِّد َمشق ِّي)‪.‬‬
‫طابع تأملي مرعب‪ .‬مواجهة‬            ‫هي نص الحكم الذي‬                            ‫لا يعطي حلمي سالم اس ًما‬

    ‫للخراب بلباس رسمي‪.‬‬       ‫أصدره القضاة ضد قصيدة‬                                ‫لتلك المرأة وحدها‪ ،‬لكن‬
      ‫يقول في نصه المربك‬        ‫حلمي سالم بمصادرتها‪،‬‬                               ‫للديوان كله‪ ،‬والشاعر‬
                                   ‫ثم ضد الشاعر نفسه‬                             ‫محمود قرني‪ ،‬يحمل َه َّم‬
 ‫حول الجو التراثي المدجج‬       ‫بسحب الجائزة منه‪ ،‬وفي‬                            ‫الدفاع عن الشاعر حلمي‬
 ‫بالخوف والترقب والخطر‬        ‫المقابلة‪ -‬المحاكمة‪ ،‬يضحك‬                          ‫سالم‪ ،‬في دار الحق‪ ،‬حيث‬
                                   ‫حلمي سالم وتضحك‬                               ‫(ماعت) رمز العدالة عند‬
          ‫والخيبة الثقافية‪:‬‬   ‫أسماء‪ ،‬وتقول له‪« :‬إ ّن الل َه‬                      ‫قدماء المصريين‪ ،‬وماعت‬
        ‫منذ فجر الحضارة‬                                                         ‫غير مذكورة في القصيدة‪،‬‬
      ‫يمتدح أجدانا الصدق‬     ‫طال ُب َك لا محالة»‪ ،‬وهو يرى‬                        ‫لكن المحاكمة تبدأ دائ ًما‪،‬‬
                                 ‫أن إنكار الشعر مخالف‬                             ‫هناك‪ ،‬وفي كل محاكمة‬
                ‫والامتثال‬         ‫للشرع‪ ،‬محاج ًجا «لكن‬                          ‫عادلة‪ ،‬بذكر الوقائع‪ ،‬وقد‬
  ‫وقد أدركوا بفطرة مبكرة‬         ‫صوت الشعراء ورد في‬                            ‫عاد المحامي إلى واقعة من‬
 ‫أنه لا يصلح لأحلامهم أن‬                                                         ‫أهم الوقائع التي مر بها‬
                              ‫الصحيحين»‪ ،‬والصحيحان‬                                ‫حلمي سالم في أخريات‬
                     ‫تنمو‬    ‫لفظ لا يعني كتابي البخاري‬                           ‫أيامه في دار الفناء‪ ،‬حيث‬
       ‫بدرجة تحرج صفاء‬                                                             ‫تعرض لمصادرة نصه‬
                               ‫ومسلم‪ ،‬بل يعني صحيح‬                             ‫(شرفة ليلى مراد) وقضت‬
                  ‫سادتهم‬         ‫الدين‪ ،‬إذا أعطينا للعقل‬                           ‫إحدى المحاكم‪ ،‬بسحب‬
‫ولأنني رجل يحترم الأقدام‬        ‫مساحة يتحاور فيها مع‬                               ‫جائزة الدولة منه بعد‬
                                              ‫الشرع»‪.‬‬                             ‫اتهامه بالمروق‪ ،‬وحينما‬
          ‫المفلطحة للتاريخ‬                                                         ‫يظهر حلمي سالم‪ ،‬في‬
  ‫فقد فعلت ما يتوجب على‬      ‫‪ -5‬محاولات لحسن‬                                   ‫الحلم‪ ،‬أو في المقابلة‪ ،‬أي في‬
                                    ‫تخلص‬                                         ‫تلك المحاكمة‪ ،‬نراه يحمل‬
       ‫رجل مثلي أن يفعله‬                                                           ‫بين جنبيه‪ ،‬ذلك الحكم‬
 ‫وعندما كانت الحرب تدور‬          ‫نخرج من عالم محمود‬                           ‫(بمس ّو َدته)‪« :‬أسلا ٌك طويل ٌة‬
                                 ‫قرني الشعري مزودين‬                                ‫يخفيها تح َت قميص ِه‪/‬‬
                   ‫رحاها‬       ‫بشيء جميل هو الشعور‬                              ‫أحما ٌض لقرو ِح ال ِفراش‪/‬‬
          ‫فوق سقف بيتي‬           ‫بجدوى الشعر وجذوته‬                           ‫وتخطيطا ٌت سوداء‪ /‬لقضا ٍة‬
‫سحبت الملاءة فوقي ونمت‪.‬‬
     ‫هكذا هو شعر محمود‬                           ‫أي ًضا‪.‬‬
    ‫قرني‪ ،‬يقسم بألا يقول‬      ‫الشعر في عالمه فواصل في‬
‫شيئًا حول الوضع الكارثي‪،‬‬       ‫جمل كاملة وكامنة تنتظر‬
   ‫ولكنه يقول كل شيء في‬
       ‫صيغة قسم التستر‪.‬‬         ‫اللحظة المناسبة لقول ما‬
      ‫وهذا ديدن الشعراء‪:‬‬       ‫نعرفه بشكل لا نعرفه‪ ،‬أو‬
‫يقولون ما لا يفعلون‪ ،‬لأجل‬
 ‫دفع الزمان أن يفعل ما لم‬

                 ‫يقله بعد‬
   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211