Page 211 - merit 42 jun 2022
P. 211

‫‪209‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫الموروث الشعري القديم‬             ‫المثيولوجيات القديمة‬    ‫هو ذاتي وإنساني ومتداول‬
   ‫أو ًل‪ ،‬والتجربة الواقعية‬      ‫حين تصبح النخلة دلالة‬          ‫ضمن ثلاث بؤر نصية‬
    ‫ثانيًا‪ ،‬فهذا الاسترجاع‬
                                   ‫على الانبعاث والحياة‪،‬‬    ‫(النخلة‪ /‬الإنسان‪ -‬النخلة‪/‬‬
     ‫وبناء علاقات اتصال‬             ‫وبالدرجة ذاتها دلالة‬       ‫الأنثى‪ -‬النخلة‪ /‬الرجل)‬
       ‫وتواصل يعني بناء‬                                        ‫وهذه البؤر تشير بشكل‬
                                      ‫على الموت بطقوس‬         ‫أو بآخر إلى علاقة الرجل‬
    ‫لغة خارج الذات‪ ،‬لذلك‬         ‫الخصوبة والتماهي‪ .‬هذا‬
  ‫جاءت جدلية‪ :‬الحضور‪/‬‬            ‫التداخل الفكري بالديني‬     ‫بالمرأة كتكوين ثابت تجسده‬
                              ‫بالأسطوري نتج عنه التعدد‬          ‫طبيعة العلاقة البشرية‪،‬‬
      ‫الغياب‪ ،‬والاتصال‪/‬‬           ‫والسعة لا الخصوصية‬           ‫وتشير أيضا إلى أن هذه‬
‫الانفصال‪ ،‬والحياة‪ /‬الموت‪،‬‬                                       ‫البؤر لا ترتبط بالعلاقة‬
                                    ‫والتمرد على الدلالات‬        ‫الجنسية وغريزتها‪ ،‬بل‬
      ‫والذكورية‪ /‬الأنوثة‪،‬‬       ‫الشعرية المعروفة‪ ،‬بمعنى‬        ‫جاء استحضارها كجزء‬
  ‫مرتبطة بالبنى المجتمعية‬      ‫آخر أن قصيدة النخلة هي‬          ‫من الذات لا من الجسد‪،‬‬
  ‫أكثر مما ترتبط بالذاتية‪.‬‬                                      ‫فحضور النخلة والذات‬
                                   ‫استثمار للتجارب التي‬
       ‫خلاصة القول نرى‬         ‫عاش معها الشاعر‪ ،‬أي أن‬       ‫الأنثوية وغياب جسد المرأة‬
     ‫أن القصيدة التعددية‬       ‫الشاعر أعاد تشكيل الرؤية‬      ‫منح النص جدلية الحضور‬
   ‫بأبعادها وموضوعاتها‬          ‫في ضوء التجربة الواقعية‬
  ‫ومكوناتها مثلت بصورة‬                                             ‫والغياب‪ ،‬والاتصال‬
   ‫واضحة جوهر قصيدة‬               ‫التي عاشها وتأثر فيها‪،‬‬                  ‫والانفصال‪:‬‬
     ‫النثر للشاعر المصري‬           ‫لكنها لم تخ ُل من البعد‬
‫محمود قرني في مختاراته‬        ‫الميثولوجي والديني القديم‪،‬‬    ‫لكن الغيمة المارة على رأسها‬
 ‫الشعرية «أبطال الروايات‬          ‫وما يكمن من تغيير أو‬                   ‫لم تدم طوي ًل‬
     ‫الناقصة»‪ ،‬فعبرت عن‬       ‫تحويل في المعنى أو الدلالة‪،‬‬
   ‫الموقف الفكري للشاعر‬       ‫فهو فقط ضمن حدود قراءة‬               ‫فوقعت برأسها على‬
  ‫إذ تغلغل تكوين التجربة‬                                                     ‫الصاعقة‬
 ‫الذاتية أو الواقعية في بنية‬           ‫القارئ‪ ،‬أو تأويله‪.‬‬
     ‫النص الشعري‪ ،‬حتى‬             ‫إذن ما يمكننا قوله إن‬          ‫لبست بعدها ثو ًبا بنيًّا‬
     ‫أصبح سلطة تمارس‬          ‫الشاعر محمود قرني يرتكز‬                         ‫محرو ًقا‬
     ‫ضغطها على مضمون‬             ‫في قصيدته التعددية على‬
‫النص‪ ،‬وهذا لا يعني غياب‬          ‫شعرية أخرى‪ ،‬يمكن أن‬            ‫وفقدت أنوثتها الطاغية‬
  ‫السلطة الأخرى‪ ،‬فجمعت‬           ‫نعدها أي ًضا من مصادر‬       ‫ثم يتسع النص إلى دلالات‬
      ‫القصيدة لغة التراث‬       ‫تشكيل التعددية بعد البوح‬
‫والخرافة والدين والمجتمع‬           ‫والسيرذاتي وغيرهما‬          ‫أبعد تتصل برمز النخلة‬
      ‫وغيرهما من الأبعاد‬         ‫مما وقفنا عليه في النص‬        ‫الديني المقدس والخرافة‬
    ‫والرؤى التي تستوعب‬          ‫الأول‪ ،‬وهي الارتكاز على‬
   ‫الطاقة التعبيرية لتجربة‬     ‫الرمز إذا كان الرمز الفاعل‬          ‫والأسطورة والمخيلة‬
     ‫الشاعر محمود قرني‬          ‫المركزي في تحريك النص‬         ‫الشعبية القديمة والحلول‬
                                 ‫الشعري‪ ،‬وهذا ما تجسد‬        ‫والاندماج الصوفي‪ ،‬فالنص‬
                                ‫في رمز النخلة‪ ،‬لينتج لغة‬
                                   ‫التعدد أو صور التعدد‬         ‫بتمفصلاته الطويلة كل‬
                                ‫من خلال سياق القصيدة‬           ‫صورة تحمل إشارة إلى‬
                                   ‫المتناثر ضمن استجابة‬       ‫أحدى المعتقدات المعروفة‪،‬‬
                                                                 ‫تبدأ من المقولات حول‬
                                                                ‫العبادة الأولى للإنسان‪:‬‬

                                                                  ‫الشجرة‪ /‬النخلة‪ ،‬ثم‬
                                                                ‫الصور المركبة بالثقافة‬
                                                                ‫التراثية التي تحيلنا إلى‬
   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215   216