Page 214 - merit 42 jun 2022
P. 214

‫العـدد ‪42‬‬         ‫‪212‬‬

                                                               ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬                     ‫أرعاها‬
                                                                           ‫وأرسلت معهم كلبي المدرب‬
 ‫أهم فاعل في هذه البنية؛‬          ‫قصير وفاتر المزاج أن‬
 ‫سواء أكانت الشخصيات‬                        ‫يأكل وحده‬                              ‫لي ُدلهم على الطريق‬
                                                                               ‫وبعد أن أصبحوا أمرا َء‬
       ‫واقعية أو متخيلة‪،‬‬           ‫كل حدائق الموز؟»(‪.)5‬‬                         ‫على الحدائق والغابات‬
 ‫تراثية أو معاصرة‪ ،‬فإن‬                                                        ‫لم ينسوا لي هذا الفض َل‬
‫الشاعر ينزلها إلى الأحياء‬         ‫‪ -4‬هامشية‬
                                  ‫الشخصية‪:‬‬                                        ‫فعينوا الكلب وزي ًرا‬
    ‫الهامشية ليبعث فيها‬                                                                  ‫للخزانة»(‪.)4‬‬
    ‫رو ًحا جديدة‪ ،‬تجعلها‬       ‫في كل قصيدة جيدة شي ٌء‬
‫تتعايش مع منطق العصر‬           ‫من السرد‪ ،‬لكن أي سرد؟‬                        ‫هكذا ينتقل الشاعر ضمن‬
                                ‫ذلك السرد المنساب الذي‬                            ‫استراتجية الهامش‬
                ‫وجديده‪.‬‬
    ‫هكذا نجد الشخصية‬             ‫يقدم حكاية أو قصة أو‬                       ‫السردي؛ من سرد أحوال‬
     ‫الرئيسية في الديوان‬          ‫تشوي ًقا لحدث وقع أو‬                        ‫الكائن البشري إلى سرد‬
 ‫وهي «أسماء بنت عيسى‬           ‫سيقع‪ ،‬أو تأزي ًما اجتماعيًّا‬                   ‫أحوال الكائن الحيواني‪،‬‬
    ‫الدمشقي»‪ ،‬وإن كانت‬        ‫لشخصية من قاعنا البئيس‬                          ‫في محاولة للانفتاح على‬
 ‫شخصية متخيلة عشقها‬              ‫تدعونا لمشاركة أحزانها‬                    ‫المتخيل الهامشي وإنصافه‪.‬‬
‫الشاعر حلمي سالم‪ ،‬فهي‬              ‫وانتظار مصيرها كما‬
 ‫تنتقل من الخيال لتعيش‬                                                      ‫‪ -3‬سردية الهامش‬
   ‫الواقع بكل تناقضاته‪،‬‬                 ‫ننتظر مصيرنا‪.‬‬                        ‫وهامش السرد‪:‬‬
 ‫كذلك معظم الشخصيات‬           ‫هكذا‪ ،‬تقدم قصائد الديوان‬
  ‫التراثية‪ ،‬فهي تعود من‬                                                        ‫في حداثة قصيدة النثر‬
  ‫أزمنتها الغابرة لتمشي‬            ‫بني ًة حكائي ًة متكامل ًة‪،‬‬                   ‫لم تعد القصيدة قطعة‬
  ‫بين الناس في الشوارع‪،‬‬          ‫فيها كل مكونات القصة‬                      ‫شعرية غنائية وإيقاعية‪ ،‬بل‬
 ‫وتتحدث لغتهم‪ ،‬وتشرب‬                                                       ‫منظومة كتابية تتداخل فيها‬
 ‫مما يشربون وتأكل مما‬              ‫القصيرة أو العائلات‬                        ‫الأشكال الفنية والثقافية‬
    ‫يأكلون‪ ،‬مثلما نجد في‬         ‫السردية المعاصرة‪ ،‬من‬                        ‫والكتابية‪ ،‬لذلك قد تنطلق‬
 ‫النموذج الشعري التالي‪:‬‬       ‫شذرة وقصة قصيرة ج ًّدا‪،‬‬                        ‫القصيدة من حدث بسيط‬
 ‫«وإذا حلمت بأنك تشرب‬         ‫دون أن تف ِّرط في شعريتها‬                        ‫عابر في حياتنا اليومية‬
                              ‫المدهشة‪ ،‬وتعد الشخصيات‬                             ‫فيقبض عليه الشاعر‬
       ‫كأ ًسا مع الفرزدق‬                                                    ‫بكاميراته الشعرية ويبني‬
‫فاعلم أن نصالك لم تصب‬                                                       ‫منه عالمًا متعدد التأويلات‬
                                                                           ‫والرؤى‪ ،‬ومن قاع الهامش‪،‬‬
                  ‫عدوك‬                                                        ‫نرى إلى النموذج التالي‪:‬‬
       ‫بل أصابت جارتك‬                                                        ‫«كاتب البريد يجلس أمام‬
   ‫وإذا حلمت بالخليل بن‬
                                                                                              ‫الحائك‬
                   ‫أحمد‬                                                         ‫ليقيس سروا ًل جدي ًدا‬
            ‫يجزع رقبتك‬                                                         ‫يغافل الشرطي ويجرع‬
 ‫فقد اكتريت قار ًبا مثقو ًبا‬
 ‫لتعبر به ستة عشر بح ًرا‬                                                             ‫كأ ًسا وراء كأس‬
  ‫ملؤها الزحافات والعلل‬                                                               ‫ثم يسأل نفسه‬
     ‫فلتكتب وصيتك أيها‬                                                              ‫كيف لرجل أبيض‬

              ‫الغريق»(‪.)6‬‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219