Page 222 - merit 42 jun 2022
P. 222

‫العـدد ‪42‬‬                                   ‫‪220‬‬

                                     ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬                            ‫لهما في سؤالك هذا‪ :‬الأولى هي‬
                                                                             ‫التعريف الحقيقي للشعر‪ ،‬أو‬
  ‫يتجه العديد من شعراء‬                ‫الدوام بأنني أرفض ما يشار إليه‬
‫جيلك إلى اللعب عن اللغة‬              ‫بالكتابة اليومية‪ ،‬وهي الكتابة التي‬  ‫لأقل التعريف الذي أجده حقيقيًّا‪،‬‬
                                                                           ‫فلو أردنا قراءة الشعر بصور ٍة‬
   ‫الحسية وإعطاء النص‬                 ‫مهما حملت ضرو ًبا من العبقرية‬           ‫نقدي ٍة دقيق ٍة سنجد أنه ليس‬
 ‫بع ًدا غنائ ًّيا شفي ًفا‪ .‬كيف‬       ‫إلا أنها لن تخلو من بعض الابتذال‬        ‫إعاد ًة لتصوير المشهد المرئي؛‬
‫يمكن قراءة راهن الخطاب‬                                                     ‫وإلا بهذه الحال يمكن التعريف‬
 ‫الشعري اليوم وهل ثمة‬                  ‫والتكرار غير المحمودين‪ ،‬وكذلك‬        ‫بكل من يعيد الحديث عن هذا‬
 ‫تأثي ٌر محد ٌد قادك إلى هذه‬              ‫بعض الهشاشة النصية التي‬
                                         ‫تنسف جوهر الشعر أو تفقده‬        ‫المشهد بلغ ٍة جمالي ٍة بعض الشيء‬
                ‫التجربة؟‬                                                      ‫إنه شاعر‪ ،‬بل هو إعادة نقل‬
                                     ‫بعض جمالياته الحقيقية‪ ،‬والسبب‬
 ‫قد تكون إجابتي عن هذا السؤال‬         ‫في ذلك هو أنها لا ترى سوى من‬          ‫هذا المشهد وقراءته من زاوي ٍة‬
 ‫حا َّد ًة وقاسي ًة بعض الشيء‪ ،‬لكن‬    ‫زاوي ٍة واحد ٍة ولا تعود للنص بما‬  ‫خاص ٍة بالشاعر‪ ،‬ألم تأت المدرسة‬
                                                                          ‫الرومانسية في الأدب كردة فع ٍل‬
   ‫لا بد لي من قولها لأنها حقيقة‬        ‫يسمى بالتأليف ما بعد الكتابة‪،‬‬     ‫على الثورة الصناعية في أوروبا؟‬
          ‫أراها بعيني وألاحظها‪.‬‬             ‫وذلك لانشغالها بالتسجيل‬      ‫بالولوج في الخصائص التفصيلية‬

  ‫ما أستغربه في كثي ٍر من الشعر‬        ‫اللحظي للصور وإعادة كتابتها‪.‬‬           ‫لهذه المدرسة فهي أن يكون‬
 ‫المكتوب اليوم هو أنني أراه بلغ ٍة‬      ‫طب ًعا لا يندرج قولي هنا ضمن‬     ‫الفن هو ردة فعل على الخيبة من‬
                                        ‫خانة الاتهامات والانتقادات لمن‬   ‫المشهد‪ ،‬وبالتالي ثمة مخيال أدبي‬
    ‫واحدة‪ ،‬وكأن جل الشعراء لا‬        ‫يكتبون بهذه الطريقة بقدر ما هي‬
   ‫يعرفون كيف يكتبون بغيرها‪،‬‬           ‫وجهة نظ ٍر أتبناها‪ ،‬وبالتالي فهي‬     ‫عليه أن يكون حاض ًرا في ردة‬
 ‫وهذه اللغة هي نفسها التي كتب‬                                            ‫الفعل هذه‪ ،‬وأن تكون هناك رؤي ٌة‬
    ‫بها الشعراء منذ أكثر من ‪40‬‬                    ‫عرضة لنقا ٍش دائم‪.‬‬      ‫خاصة للكاتب ج َّراء خيبته‪ ،‬وإلا‬
    ‫سن ًة أو شديدة التشابه معها‪،‬‬                                          ‫فلن يختلف نصه عن النصوص‬
  ‫أي أنها عمليًّا لم تأت بجدي ٍد في‬         ‫من الواضح أن ثمة‬
‫الشعر وجاءت كاستنسا ٍخ مشو ٍه‬         ‫اختلا ٌف بلغتك عما يكتب‬              ‫الكلاسيكية التقليدية التي تعيد‬
 ‫لما كتبه شعراء تلك المرحلة‪ ،‬وهذا‬                                                  ‫رسم الوقائع كما هي‪.‬‬
‫ما يثير مسألة العلاقة البطريركية‬        ‫اليوم في الشعر‪ ،‬إذ ثمة‬
‫بين الأجيال المتتالية من الشعراء‪،‬‬        ‫بلاغة نصية ممسرحة‬                    ‫أما النقطة الثانية فهي نقطة‬
‫وهذا موضو ٌع طويل‬                        ‫تتكامل مع لغ ٍة مفرط ٍة‬          ‫تقنية بامتياز‪ ،‬وهي ما أقوله على‬
 ‫يستحق نقا ًشا آخر‬
 ‫في مقا ٍل خاص ذات‬                         ‫في الذهنية‪ ،‬في وق ٍت‬

              ‫يوم‪.‬‬
‫ما أردته منذ البداية‪،‬‬

     ‫أو لأكن صاد ًقا‬
    ‫وأقول منذ بداية‬

      ‫كتابتي الجدية‬
  ‫للشعر‪ ،‬هو البحث‬
 ‫عن صوتي الخاص‬

     ‫وإيقاظه وليس‬
    ‫استنساخ صوت‬
‫شاع ٍر آخر أحبه‪ ،‬قد‬
   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227