Page 224 - merit 42 jun 2022
P. 224

‫يدفعك لتصنيفها على هذا‬                                         ‫العـدد ‪42‬‬                          ‫‪222‬‬
   ‫النحو وعلى أي أساس؟‬
                                                                               ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬    ‫لطالما ُوجد هذا العنف في الشعر‬
    ‫بداي ًة أفضل أن أسميها بعملي‬                                                             ‫العربي على مر التاريخ‪ ،‬والمتتبع‬
     ‫الشعري الثالث‪ ،‬والسبب هو‬               ‫ذلك فقط بل كل اللغات‪ ،‬ثمة‬                         ‫لتاريخ الشعر العربي يمكنه أن‬
    ‫أنني لا أتفق مع معظم شعراء‬          ‫دراس ٍة أجريت العام الفائت على‬
‫العرب على تسمية كتبهم الشعرية‬           ‫وقع وباء كورونا تقول إن أكثر‬                           ‫يرى الكثير من التبدلات التي‬
  ‫بمصطلح «ديوان»‪ ،‬فبالعودة إلى‬         ‫من ‪ 150‬كلم ًة جديد ًة دخلت اللغة‬                    ‫تحصل فيه ضمن العصور الأدبية‬
   ‫أصل اللغة نجد أن كلمة ديوان‬          ‫الفرنسية بفعل الوباء‪ ،‬نحن فقط‬                       ‫المختلفة‪ ،‬فاللغة في شعر زهير بن‬
‫معناها السجل‪ ،‬وبحال أراد شاعر‬          ‫نتحدث عن حال ٍة راهنة‪ ،‬فما بالك‬
 ‫إطلاق هذه التسمية على كتا ٍب ما‬                                                              ‫أبي سلمى الجاهلي تختلف عن‬
‫فعليه أن يطلقها على مجمل أعماله‬               ‫بعصو ٍر مديد ٍة من اللغة؟‬                    ‫لغة أبو نواس العباسي على سبيل‬
‫الشعرية وليس على واح ٍد فقط (قد‬                                                             ‫المثال‪ .‬بل وفي اللغة نجد اليوم أن‬
   ‫أبدو متشد ًدا لغو ًّيا بهذا الشأن‬   ‫قبل بضعة شهو ٍر نشرت‬                                 ‫العديد من المصطلحات والكلمات‬
‫لكنها ثمة ملاحظ ٍة ليس أكثر)‪ ،‬أما‬          ‫مجلة الجديد قصيد ًة‬                              ‫ليست بعربي ٍة فصيحة‪ ،‬بل يمكن‬
 ‫تفضيلاتي للتسمية فمصطلحين‪:‬‬                   ‫طويل ًة لك بعنوان‬                            ‫أن نسميها تفصي ٌح لكلما ٍت هي إما‬
    ‫المجموعة الشعرية وهو الأكثر‬                                                            ‫مترجمة عن لغا ٍت احتكت بالعربية‬
   ‫انتشا ًرا‪ ،‬وهو جمع عدة قصائد‬         ‫«أغنيا ٌت لقري ٍة مضببة»‬
‫بين دفتي كتاب‪ ،‬وهذه القصائد قد‬          ‫التي ترجمت كامل ًة للغة‬                                 ‫في العصور الإسلامية الأولى‬
  ‫تكون ذات ثيما ٍت متجانس ٍة وقد‬                                                               ‫كاللغات السريانية والفارسية‬
 ‫لا تكون؛ أو الكتاب الشعري وهو‬             ‫الإنجليزية وترجمت‬                                ‫والتركية بعدهما‪ ،‬أو حتى كلما ٌت‬
‫الأقل انتشا ًرا‪ ،‬والذي يعد متكام ًل‬   ‫بعض مقاطعها للبرتغالية‬                                  ‫ناشئ ٌة من لهج ٍة محلي ٍة وجرى‬
      ‫من حيث الثيمة تما ًما‪ ،‬أكان‬
   ‫قصيدة واحد ًة أم مئة قصيدة‪،‬‬              ‫والأوزبكية‪ ،‬غير أن‬                                                  ‫تفصيحها‪.‬‬
  ‫كلها تدور في فل ٍك واحد‪ ،‬وأمثلة‬        ‫اللافت في هذه القصيدة‬                                ‫أما كم يستطيع الشعر احتمال‬
  ‫على ذلك كتاب «البازيار» لسليم‬           ‫هي اعتبارك إياها على‬                              ‫الثقافة الشعبية؟ ربما من الأجدر‬
   ‫بركات‪ ،‬أو «مملكة‬                       ‫أنها «ديوانك الشعري‬                               ‫السؤال كم تحتمل اللغة ذلك لأن‬
  ‫آدم» لأمجد ناصر‪،‬‬                       ‫الثالث» نظ ًرا لصدورها‬                                ‫الشعر جز ٌء من اللغة والعكس‬
  ‫أو قصيدة «صور»‬                         ‫قبل «بورتريهات لوج ٍه‬                             ‫صحيح؛ والجواب هو أنها تحتمل‬
  ‫لعباس بيضون‪ ،‬أو‬                      ‫يجوعه التجهم»‪ .‬ما الذي‬                              ‫الكثير بحكم هلاميتها‪ .‬وليس فقط‬
‫حتى كتابي الأخيرين‬                                                                           ‫اللغة العربية قادرة على احتمال‬
  ‫«كونشيرتو لشفا ٍه‬
    ‫ترفعها الريح» و‬
   ‫«بورتريهات لوج ٍه‬
    ‫يجوعه التجهم»‪.‬‬
  ‫بالعودة إلى قصيدة‬
      ‫«أغنيا ٌت لقري ٍة‬
  ‫مضببة»‪ ،‬بداي ًة جاء‬
   ‫اعتباري لها لعم ٍل‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229