Page 83 - merit 42 jun 2022
P. 83
81 إبداع ومبدعون
قصــة
إنه رجل واحد ،ويحبني بجنون ،يبدو أنك لم في مكان مهجور ،توقفت الشاحنة الصغيرة ،سرقوا
تجربي اللذة الأخرى! كل غنائم المتسولين والمتسولات ،ثم اغتصبوا
النساء الجميلات.
ضربتها ذابلة الأنوثة بيدها على كتفها متضاحكة: ردت عليها الأربعينية -التي ما زال جسدها
-كلبة ،بنت كلبة ..اسكتي ،يا فاجرة! يصهل -بنبرة واثقة:
فجأة ،اندلعت عاصفة من الضحك في الحافلة، -ما يجعلنا نشيخ بسرعة هو الهم ،وليس أعباء
استدارت الأعناق إلى الخلف ،حيث تطوع بعض الحياة ،انظري إلى نفسك جي ًدا في المرآة .يجب أن
الركاب لانتشال الثلاثيني من بين يدي الكهل، نعيش الحياة ونستمتع بها ،بدل أن نقتل أنفسنا
الذي شد تلابيب شاب مفتول العضلات ،لم يدافع
عن نفسه ،واكتفى بأن هدد الرجل بأنه سيرد له بالتفكير في تفاهاتها.
الصاع صاعين بعد المغرب ،وجاءه صوت سائق هو لن يخرج من السجن إلا بعد عامين ،ولا أريد
الحافلة يعلن للراكب الواقف إلى جواره ضاح ًكا أن طلب الطلاق ،أنت تعرفين كيف ينظر هذا المجتمع
الأب والابن يسكران م ًعا ،وعند أي خلاف بسيط القذر إلى المرأة المطلقة ،حتى في الخيانة الزوجية،
بينهما نها ًرا ،يتوعد أحدهما الآخر بالانتقام منه
يتسامحون مع الرجل ويرجمون المرأة.
لي ًل.
توقفت الحافلة عند محطة الحي القديم ،داهمته
حيوية مفاجئة ،كأنما تراجع عمره ثلاثين سنة
إلى الخلف ،فقفز في رشاقة ناحية الرصيف ،وقد
اجتاحته سكينة غامضة ،خيل إليه أن ألمه تافه
مثله ،وأيقن أن الحياة تستحق أن تعاش .خفق
قلبه بشدة ،حين وقعت عيناه على نافذة موشومة
في القلب والذاكرة ،مشرعة مثل باب سري للفرح
الهارب ،حدق في المرأة في وجوم متسائ ًل« :هل
ما زالت الحبيبة الأولى في عمر الثلاثين!؟» ،وضع
النظارتين فوق جبينه ،فرك عينيه بيديه ،ونظراته
تتلكأ فوق ندبة قديمة في الذقن ،غير مصدق بصره،
انحنى ،التقط حج ًرا ،وهو يصيح« :أنت هنا أي ًضا،
يا بنت بوتين» ،بكل قوته ،قذف الحجر ناحية
النافذة الموصدة.
هوامش:
-1يرجى الاطلاع على هذه القصة
/قصة-قصيرة-الحياةhttps://alittihad.info-
تختبئ-خلف-ذلك-الشارع/
-2تحريف لاسم الرئيس الروسي pouitine
باستعارة معنى الكلمة الفرنسية putaine
-3نص للشاعر العراقي عبود الجابري.