Page 135 - m
P. 135
133 إبداع ومبدعون
القصة
محاولة الاختطاف ،أو ساهم بشكل أو بآخر في غادر ْت الغرفة على عجل كي تنهي مشهد العناق
إحداث ثغرة أمنية تتسللت منها المجموعة المتطرفة المحت ِدم ،وقد صار يثير فيها التقزز على ما يبدو ،لا
المخ ِططة للعملية ،كنوع من الانتقام من المحتلين النشوة المغامرة ،كما يجب أن ُتظ ِهر على الشاشة،
وما يرتكبونه من جرائم ،ولو من خلال خطف بكل التأوهات المطالِبة بالمزيد من سحر الشبق ،في
ممثلة أفلام إباحية بدأ نجمها بالأفول ،ربما يمكن التيا ٍع يظل يتردد مثل موسيقى تصويرية تتخطف
مبادلتها بعدد من المجاهدين الأسرى في معتقلات
أعداء الدين ،إن لم يتم قتلها مثل أي عاهرة جاءت الأسماع حتى انطفاء شاشة العرض.
إلى بلاد المسلمين لإشاعة الفساد والتحريض خشي ُت أن تكون وقع أنفاسي بين شفتيها مثل
على الفسوق ..كما جاء في البيان الذي قرأه أحد تلك الشفاه الغليظة للخاطفين ،بعد أن يمزقوا كل
ثيابها ومن ثم يتناوبون اغتصابها ،لأنها في عرفهم
المحققين على مسمعي ،وهو يرمقني بنظرا ٍت ُت َعد من غنائم حرب مفتوحةُ ،يباح فيها استخدام
متوعدة ،وكأنني من كتبه ومسؤول عما تضمنت كل الأسلحة المتاحة حتى رفع رايات النصر ..أن
تصرخ بعلو صوتها ،وكفاها الرشيقان يلطمان
كلماته من تح ٍد ووعيد. وجهي بقوة خبرت شراستها من سوح الأفرشة
خرج ُت من المعتقل بعد شهور ،رغم عدم وجود التي جابتها في حياتها ،وهي تص ِوب نيران شتائمها
ما يدل على تورطي في شيء ،ولم أعرف عنها أي نحوي وأهل بلدي ،لدى محاولتها إبعادي عنها ،وفي
خبر ،سوى أنها تستعد لبدء تصوير فيلم آخر ،على عينيها نظرات تقزز من نهم فحولة البهائم العابثة
ذات الطراز ،بعد أن حققت شركة الإنتاج إيرادات
أكثر من المتوقع بأضعاف ،كما قرأ ُت في عدة مواقع فينا رغم كل ما يسحق إنسانيتنا على الدوام.
قرر ُت ألا أذهب مر ًة أخرى إلى موقع التصوير،
إلكترونية. مهما كانت حاجتي لأجر الترجمة ،والمحادثة حسب
تم منع الفيلم من العرض داخل البلاد ،كما لو أنه ما يتوافق مع مزاجها ،حتى لو اتصل ْت وطلبت
لم يتم تصوير لقطة واحدة ُتظ ِهر جانبًا من شوارع مني العودة ،ربما لمجرد الاستمتاع برؤيتي ذليل
أسر أنوثتها من جديد ،فقد لا أحتمل السيطرة على
وأزقة العاصمة ،إلا أني استطعت مشاهدته بعد غرائزي ما إن تهفو نحوي نسمة من فوح جسدها
فترة ،وكأني وجدت ما فقدته فجأة وخبا مني كل المتطوح بين أحضان البطل المحظوظ بأنه غادر
البلاد منذ كان صغي ًرا قبل من أي شيء ،بينما
أمل أن أحظى به مجد ًدا. أضطر أن ألزم مكاني في صمت الموتى خلف كل
عندها تملكني إحساس يقارب اليقين أني كنت طاقم التصوير ،إلا أن الهاوية التي وددت تجنبها
أحد الممثلين ،بل أهمهم من بعدها ،متناسيًا كل ما
واجهت وعانيت خلف الأسوار المنيعة ،الجروح كانت بانتظاري بعد محاولة الاختطاف التي
التي لم تكن قد التأمت بعد ،الأوجاع الرابضة تعرض ْت لها ،بعي ًدا عن عدسة الكاميرا والحبكة
في أضلعي ،والعرج الذي قد يرافق خطوي مدى
المرسومة للفيلم.
الحياة. تم مداهمة الدار وأخذي ،وسط صراخ والدتي
تابع ُت الأحداث مشه ًدا مشهد ،لقطة تلو الأخرى، وذعر أخوتي والجيران ،اقتادوني معصوب العينين
دون أن أدرك ما ينتظرني ،ولدى وصولنا إلى دائرة
كل حرك ٍة وإيماءة ،عنا ٍق ولمسة ..حتى اختفاء أمنية ،داخل منطقة القصور الرئاسية ،أنزلوني
وجهها عن الشاشة ،كأنها تتعمد أن تخفيه عني وآخرين من السيارة الكبيرة التي جمعتنا من
في لؤ ٍم متجبِر يشاكس عجزي أمام كل ما حدث أنحاء متفرقة في العاصمة وخارجها ،ثم ساقونا
رك ًل وضر ًبا بالعصي الحديدية نحو زنازين
ويمكن أن يحدث ،وبصورة غير متوقعة ،ففي فردية تشبه التوابيت حتى بدء التحقيق ،مع كل
النهاية لم أكن ،وكل من يمضون أعمارهم في واحد على حدة ،من أجل معرفة من المتورط منا في
الفرجة مثلي ،إلا بعض تفاصيل سلسلة غير منتهية
من أفلام رخيصة المضمون ،لكنها تبقى عالية
الإيرادات.